والوصية الثانية ما أشار إليها بقوله :
مطلب : : ولا تنكحن من نسم فوقك رتبة تكن أبدا في حكمها في تنكد ( ولا تنكحن ) أيها الأخ في الله ( من نسم ) جمع نسمة محركة : الإنسان والروح ونفس الريح إذا كان ضعيفا . لا ينكح من هي أعلى منه في الرتبة والمنصب
قال في القاموس : والنسمة محركة الإنسان جمعه نسم ونسمات والمملوك ذكرا كان أو أنثى .
وقال في النهاية في قوله صلى الله عليه وسلم { } النسمة النفس والروح أي من أعتق ذا روح وكل دابة فيها روح فهي نسمة ، وإنما يريد الناس . ومنه حديث علي رضي الله عنه { من أعتق نسمة } أي خلق ذات الروح ، وكثيرا ما كان يقولها إذا اجتهد في يمينه . يريد والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة الناظم رحمه الله تعالى أنك لا تنكح من كرائم ( فوقك ) أي أعلى منك ( رتبة ) أي في الرتبة والمنصب فإنك إن فعلت ذلك ( تكن ) أنت ( أبدا ) مدة كونها معك ( في حكمها ) أي في حكم زوجتك التي منصبها أعلى منك ورتبتها أرقى من رتبتك ( في تنكد ) من افتخارها عليك ، وعدم مبالاتها بك [ ص: 392 ] لإهانتك عندها ، ونقصك في عينها ، فإن بذلت لك حقك رأت أنها منحتك أمرا لست أهلا له ، بل إنما أجابتك إلى ما سألت منة منها امتنت بها عليك ، وإن لم تجبك رأت أنها فعلت أمرا هي أهل له من عدم اكتراثها بك لعلوها ونزولك .
ومن كان بهذه المثابة لا محالة أنه في غاية النكر وتعب الخاطر وتنغيص العيش ، وقد حصل من زوجته على ضد قصده ، فإنه إنما أراد الارتفاع بنكاحها والمفاخرة بأخذها فعوقب بضد قصده جزاء وفاقا .