( الرابع ) لا مطلقا ، بل لمن تكون يقظته طاعة لا لمن تكون يقظته معصية . فإن كان لو لم ينم لم يشتغل بخير وربما خالط أهل الغفلة وتحدث معهم فضلا عن إتيانه العظائم من الخطايا والجرائم ، فالنوم خير له ، بل ربما يكون واجبا عليه إن كان لا يتخلص من ملابسة الحرام إلا به ، إذ في النوم الصمت والسلامة ، كما قال بعض اليقظة أفضل من النوم السلف : يأتي على الناس زمان الصمت والنوم فيه أفضل أعمالهم .
وقال - رحمه الله ورضي عنه - : كانوا يستحبون إذا تفرغوا أن يناموا طلبا للسلامة . فإذن النوم على قصد طلب السلامة ونية قيام الليل قربة . سفيان الثوري
وأما إذا كان لو لم ينم لانبعث في العبادة من الأذكار والوظائف فهذا يقظته خير من نومه .
فإذا نام لأجل أن يذهب عنه التعب والكسل والسآمة وينهض إلى الوظائف والأذكار على غاية من النشاط وصفاء الذهن والخاطر ، فنومه أيضا عبادة .
[ ص: 360 ] وحاصل هذا كله من كان في مقام المراقبة في جميع حركاته وسكناته فكل حركاته وسكناته قربات وطاعات . فكم بين العارف المتيقظ والجاهل الغفلان من البعد والبون . والله أعلم بما كان وما يكون . والله الموفق .