[ ص: 209 ] مطلب : في حرمة اتخاذ الستر المحتوي على صورة : ويحرم ستر أو لباس الفتى الذي حوى صورة للحي في نص ( ويحرم ) على النساء والرجال ( ستر ) أي اتخاذه حيث حوى صورة ( أو ) أي ويحرم على الذكور والإناث ( لباس الفتى ) أراد بالفتى هنا ما يعم الذكور والإناث ، فيحرم على الكل منهما لباس الثوب ( الذي حوى ) هو ( صورة ) أي مثال صورة ( للحي ) من الحيوان ليخرج الشجر ونحوه ، وما أزيل منه ما لا تبقى معه حياة ( في نص ) أي منصوص الإمام أحمد رضي الله عنه . أحمد
قال في الفروع : ويحرم على الكل - يعني الذكور والإناث - . لبس ما فيه صورة حيوان
قال الإمام : لا ينبغي كتعليقه وستر الجدر به وتصويره لا افتراشه أو جعله مخدا فلا يكره فيهما ; لأنه { أحمد صلى الله عليه وسلم اتكأ على مخدة فيها صورة } . رواه الإمام وهو في الصحيحين بدون هذه الرواية . أحمد
انتهى .
وفي الصحيحين عن { النضر بن أنس قال كنت جالسا عند رضي الله عنهما فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سأله رجل فقال : إني رجل أصور هذه الصور ، فقال له ابن عباس : ادنه ، فدنا الرجل فقال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة ، وليس بنافخ ابن عباس } وفي رواية سعيد بن أبي حسن { } وكأن القصد طول تعذيبه وإظهار عجزه عما كان تعاطاه مبالغة في توبيخه وبيان قبح فعله . فإن الله - تعالى - يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا
فقوله { ليس بنافخ } أي لا يمكنه ذلك فيكون معذبا دائما .
وقد استشكل هذا الوعيد في حق المسلم .
فإن وعيد القاتل عمدا ينقطع عند أهل السنة مع ورود تخليده بحمل التخليد على مدة مديدة .
وهذا الوعيد أشد منه لأنه مغيا بما لا يمكن ، وهو نفخ الروح ، فلا يصح أن يحمل على أن المراد أنه يعذب زمانا طويلا ثم يتخلص .
والجواب تعيين تأويل الحديث بحمله على إرادة الزجر الشديد بالوعيد [ ص: 210 ] بعقاب الكافر فيكون أبلغ في الارتداع ، وظاهره غير مراد .
هذا في حق العاصي بذلك .
وأما من فعله مستحلا فلا إشكال فيه .
والحاصل حمل ما ورد من هذا الباب إما على المستحل ، وإما على الزجر والتهديد بالوعيد الشديد ، وإما أن هذا العذاب جزاء هذا الفعل أن لو جوزي ، ولكن الكرم والحلم أوسع ، والله أعلم .
وتقدم في الأمر بالمعروف طرف من هذا .