مطلب : في كراهة النظر إلى ملابس الحرير .
( السابع ) : قال في الإقناع كغيره : يكره نظر ملابس حرير وآنية ذهب وفضة ونحوها إن رغبه في التزيين بها ، والمفاخرة والتنعم والتجمل بها . وذكر [ ص: 202 ] ذلك في الآداب والرعاية وغيرهما .
وقال الإمام : ريح الخمر كصوت الملاهي حتى إذا شم ريحها فاستدام شمها كان بمثابة من سمع صوت الملاهي فأصغى إليها ، ويجب ستر المنخرين ، والإسراع كسد الأذنين عند الاستماع . وعلى هذا يحرم ابن عقيل إن دعت إلى حب الدنيا ، والمفاخرة ويحجب ذلك عنه . ونزيد فنقول : التفكر الداعي إلى استحضار صور المحظور محظور ، حتى إذا النظر إلى ملابس الحرير وأواني الفضة والذهب أثم وقضى ، وكان عندي كالعابث بذكره فيمني ، وأدق من هذا لو استحضر صورة المعشوق وقت جماع أهله . فكر الصائم فأنزل قلت : المعتمد في المذهب عدم فطر الصائم بالفكر كما في الإقناع ، والمنتهى ; لأنه بغير مباشرة ولا نظر أشبه الاحتلام ، والفكرة الغالبة ولا يصح قياسه على المباشرة والنظر ; لأنه دونهما .
قلت : وظاهر إطلاقهم ، ولو تمادى مع الفكر ، وهو مرادهم ; لأن صاحب الفروع قال : ولا فطر ولا إثم بفكر غالب اتفاقا ، وقال عن مذهب ابن عقيل أحمد يعني في الفطر بالتفكر سواء لدخول الفكر تحت النهي . وظاهر كلامه لا يفطر خلافا ومالك . قال : وهو يعني : عدم الفطر بالفكر أشهر ; لأنه دون المباشرة وتكرار النظر ، ويخالف بالتحريم إن تعلق بأجنبية . زاد صاحب المغني ، أو الكراهة إن كان في زوجة . يعني أن تكرار النظر في الأجنبية محرم سيما للصائم ، وتكراره في زوجته ، وهو صائم مكروه ، والفكر ليس يوافق واحدا منهما يعني لا هو حرام ولا مكروه ; ولذا قال في الفروع : ولا أظن من قال يفطر به ، وهو لمالك أبو حفص البرمكي يسلم في ذلك ، يعني عدم الحرمة ، والكراهة . وابن عقيل
وقال الإمام في المقنع فيما لا يفطر به الصائم ، أو فكر فأنزل لم يفسد صومه ، وكذا لو فكر فأمذى . قال في الإنصاف : وهذا الصحيح من المذهب فيهما ، وهو ظاهر كلام الإمام الموفق وعليه أكثر الأصحاب ، وقال أحمد الزركشي : هذا أصح الوجهين ، وقال أبو حفص البرمكي : يفطر بالإنزال ، والمذي إذا حصل بفكره . وقيل يفطر بهما إن استدعاهما وإلا فلا انتهى . [ ص: 203 ] فعلم أن الصحيح من المذهب عدم الفطر بالفكر ، ولو استدعاه ، وبهذا تعلم أن حرمة استحضار نحو الأجنبية مبني على مرجوح ، والمذهب عدم الحرمة . وغاية ما فيه أن يكون مكروها كالنظر إلى ملابس الحرير . وكلام وابن عقيل في المغني يقتضي عدم الكراهة ، وصرح به علماء الشافعية والله أعلم . الموفق