ولبس الحرير احظر على كل بالغ سوى لضنى أو قمل أو حرب جحد
( ولبس ) ثوب ( الحرير ) وعمامته وتكة سراويل وشرابة مفردة كشرابة البريد لا تبعا فحكمها مع التبعية الإباحة كالزر ، وكذا بطانة نحو ثوب من حرير ( احظر ) أي امنع وحرم ( على كل ) ذكر ، ولو كافرا ; لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة .ومثل اللبس افتراشه واستناده واتكاؤه عليه وتوسده وتعليقه وستر الجدر به غير الكعبة المشرفة . وكلام يدل على أنه محل وفاق . وذكر في الفروع أن ذلك خلاف الحنفية . أبي المعالي
قال م ص في شرح المنتهى عند قوله ويحرم استناد إليه وتعليقه يدخل فيه بشخابة وخيمة ونحوهما . قال : وحرم الأكثر استعماله مطلقا ، فدخل فيه تكة وشرابة مفردة وخيط سبحة انتهى .
وفي حواشي الفروع للعلامة ابن قندس بعد ذكر مسألة حشو الجباب قال : وقد ذكر الدميري الشافعي في شرح المنهاج في أواخر باب صلاة الخوف قال : فروع يجوز إذا بسط فوقه ثوب ، ولو حشو الجبة ، والمخدة منه أي الحرير ، والجلوس عليه لم يحرم استعمالها ، ولا يجوز لبس جبة بطانتها حرير انتهى فكأنه مرتض لهذا والله أعلم . نظم سبحة في خيط حرير
( بالغ ) فلا يحرم على الولي لعدم تكليفه قال إلباس الصغير ثياب الحرير سعيد حدثنا عن هشيم عن العوام إبراهيم التيمي قال : كانوا يرخصون للصبي في خاتم الذهب فإذا بلغ ألقاه . قال في الفروع : مدلس ، وهذا قول مرجوح ، ، والمذهب أنه يحرم على الولي إلباس ذلك للصبي كما يأتي في كلام هشيم الناظم .
مطلب : في ذكر الأحاديث الواردة في تحريم لبس الحرير .
وقد ورد في تحريم الحرير ، عن البشير النذير ، عدة أحاديث صحيحة ، وبتحريمه ، والمنع من استعماله صريحة . منها ما رواه الشيخان وغيرهما عن رضي الله عنه قال [ ص: 186 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عمر بن الخطاب } ورواه : لا تلبسوا الحرير ، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وزاد : وقال النسائي { ابن الزبير ولباسهم فيها حرير } } . من لبسه في الدنيا لم يدخل الجنة . قال الله تعالى {
وفي الصحيحين عن أيضا رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { عمر } زاد : إنما يلبس الحرير من لا خلاق له البخاري وغيرهما { وابن ماجه } . . من لا خلاق له في الآخرة
وروى البخاري عن ومسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنس } . : من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
والنسائي في صحيحه وابن حبان ، وقال صحيح الإسناد عن ، والحاكم رضي الله عنه مرفوعا { أبي سعيد الخدري } من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه
وأخرج أبو داود عن والنسائي رضي الله عنه قال { علي } . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه ، وذهبا فجعله في شماله ، ثم قال : إن هذين حرام على ذكور أمتي
وفي صحيح عن البخاري رضي الله عنه قال : { حذيفة ، وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه آنية الذهب ، والفضة } . نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في
وروى الإمام عن أحمد أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا { } . وروى الإمام لا يستمتع بالحرير من يرجو أيام الله أيضا عن أحمد رضي الله عنه مرفوعا { أبي هريرة } . قال إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا يرجو أن يلبسه في الآخرة الحسن : فما بال أقوام يبلغهم هذا عن نبيهم يجعلون حريرا في ثيابهم وبيوتهم وأخرج الإمام أيضا عن أحمد أبي أمامة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { } . وأخرج : من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا بإسناد حسن عن البزار رضي الله عنه مرفوعا { أنس } وقول قال الله [ ص: 187 ] تعالى : من ترك الحرير ، وهو يقدر عليه لأكسوته إياه في حظيرة القدس الناظم رحمه الله ( سوى ) لبس الحرير ( ل ) أجل ( ضنى ) أي مرض ، وهو بالضاد المعجمة والنون مقصورا . قال في القاموس : ضني كرضي ضنى فهو ضني ، وضن كحري وحر ، مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس ، وأضناه المرض . انتهى . استثناه من الحظر ، أي حرم لبس الحرير على كل ذكر بالغ سوى لبسه لمرض ( أو ) أي وسوى لبسه ل ( قمل ) واحدته قملة ، ويقال له قمال قاله . ويتولد من العرق ، والوسخ إذا أصاب ثوبا أو ريشا ، أو شعرا حتى يصير المكان عفنا . ابن سيده
قال : وربما كان الإنسان قمل الطباع ، وإن تنظف وتعطر وبدل الثياب ، كما { الجاحظ لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما حين استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس الحرير فأذن لهما فيه والزبير بن العوام } ، ولولا الحاجة ما أذن لهما فيه لما جاء في ذلك من الوعيد الشديد . عرض
وقصة إباحته صلى الله عليه وسلم لبس الحرير لابن عوف رضي الله عنهما في الصحيحين ومثل جواز والزبير ، ولو لم يؤثر في زوالها ، جزم به في الإقناع ، والمنتهى . قال في الفروع خلافا لبس الحرير لقمل لبسه لأجل حكة في رواية عنه قال لمالك الدميري : قال الإمام : لا يجوز لبسه يعني الحرير مطلقا ، لأن وقائع الأحوال عنده لا تعم . مالك
( أو ) أي وسوى لبسه ل ( حرب جحد ) أي كفار . والمراد لحرب مباح إذا تراءى الجمعان . ويمتد وقت إباحة لبسه إلى انقضاء القتال ، ولو كان لبس الحرير الخالص في حال الحرب بلا حاجة في الأصح نصا ; لأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء ، والفخر ، وهو غير مذموم في الحرب .
قال ابن مفلح في الآداب الكبرى ، والوسطى : يباح في الحرب من غير حاجة في أرجح الروايتين في المذهب . وفي تجريد العناية : يباح على الأظهر . وصححه في التصحيح ، وجزم به في الإفادات ، والوجيز ومنتخب الأدمي وإدراك الغاية وغيرهم . [ ص: 188 ] وقطع به في الإقناع ، والمنتهى ، والغاية وغيرها .
والرواية الثانية عدم الإباحة اختارها ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في المستوعب ، والمحرر ، وقد علمت أن المذهب الإباحة والله أعلم . وإلى هذا الخلاف أشار الناظم رحمه الله تعالى مرجحا ما هو المعتمد في المذهب فقال :