حكم اقتناء الكلاب
قال في الآداب الكبرى : يجوز اقتناء كلب كبير لصيد يعيش به ، أو لحفظ ماشية يروح معها إلى المرعى ويتبعها ، أو لحفظ زرع ولا يجوز اتخاذه لغير ذلك . وقيل يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت ، وهو قول بعض الشافعية . وفي الرعاية قيل وبستان ، فإن احتمل الجواز ، والمنع ، وهكذا الاحتمالان فيمن اقتنى كلبا ليحفظ به حرثا أو ماشية إن حصلت ، أو يصيد به إن احتاج . اقتنى كلب الصيد من لا يصيد
ويجوز لأجل الثلاثة في أقوى الوجهين ، والثاني لا يجوز ، وفي الرعاية لا يكره على الأصح اقتناء جرو صغير حيث يقتنى الكبير وأما اقتناء الكلاب لغير ما ذكرنا فلا يجوز لما في صحيح تربية الجرو الصغير أنه صلى الله عليه وسلم قال { مسلم } . وفي رواية قيراطان وكلاهما في الصحيح : من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية ، أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط
. ففي الصحيحين وغيرهما عن رضي الله عنهما [ ص: 75 ] قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ابن عمر : من اقتنى كلبا إلا كلب صيد ، أو ماشية ، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان } وفي رواية من عمله وحمل ذلك على نوع من الكلاب بعضها أشد أذى من بعض ، أو لمعنى فيها ، أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع فتكون القيراطان في المدائن ونحوها ، والقيراط في البوادي أو يكون في زمنين فذكر القيراط أولا ، ثم زاد في التغليظ فذكر القيراطين ، والمراد بالقيراط مقدار معلوم عند الله تعالى ينقص من أجر عمله . للبخاري
واختلف في نسبة هذا القيراط لماذا يكون ؟ فقيل : لما مضى من عمله ، وقيل من مستقبله ، وقيل : قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار وقيل : قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل ، وقد ذكرنا الكلام على هذا في رسالة حررنا فيها الكلام على أن من صلى على ميت فله بالصلاة عليه قيراط وله بتمام دفنه قيراطان ، وأن المراد نسبة ذلك لما يحصل لأهل المصيبة من أجر المصيبة ولواحقها على أكمل حال من غير أن ينقص من أجر مصيبتهم شيء ، وأنهم لو لم يصبروا ، بل جزعوا وتسخطوا حتى حصل عليهم من ذلك وزر يكون لهذا المصلي ، والمتبع الجنازة قيراط ، أو قيراطان من أجر تلك المصيبة ولواحقها أن لو وجد على أتم حال .
وأما في مقتني الكلب الذي اعتمدناه فيها تبعا للإمام ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد ، والإمام في فنونه ابن عقيل وابن قندس في حواشي الفروع أن القيراط ، أو القيراطين بالنسبة إلى عمله ذلك اليوم فكأنه حصل من العمل الصالح ، والكلم الطيب دينارا فباقتنائه هذا الكلب ينقص من ذلك الدينار قيراطان على أتم وجوه العمل ، أو بالنسبة إلى عمل نفسه ويكون عظم القيراط ونقصه مختلفا باختلاف الأشخاص والله أعلم .