أفادت التحقيق ، وتأتي للتوبيخ والإنكار كقول الشاعر : وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي
ألا ارعواء لمن ولت شبيبته
وآذنت بمشيب بعده هرم
ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي
ولذا يكون كلام الرسل عند مرور الناس على الصراط اللهم سلم سلم . وما أحسن قول من قال :
وقائلة مالي أراك مجانبا أمورا وفيها للتجارة مربح
فقلت لها كفي ملامك واسمعي فنحن أناس بالسلامة نفرح
وصون [ ص: 60 ] الإنسان جوارحه وقلبه عن الأول واجب وعن الثاني مستحب كما يأتي . فمن صانها عن الأشياء المنهي عنها فإنه يهتدي للصراط المستقيم والطريق السالك القويم الهداية التامة ، ويفوز بالنجاة والدرجات العلى يوم القيامة ، ويسلم من القيود والأغلال ، ويكون له في ميدان الصالحين مجال . ومفهوم نظامه أن من لم يصن جوارحه عن ما نهى الله عنه من المحظورات يكون عن السلامة بمعزل ، لأنه لم يتق الله ولم يراقبه فيم نهى وأمر .
وقد أوصى الله بتقواه ، فالتقوى وصية الله للأولين والآخرين ، قال تعالى { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله } وقال تعالى { اتقوا الله حق تقاته } قال : يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر ، وخرجه ابن مسعود مرفوعا . قال الحاكم ابن رجب : والموقوف أصح
. قال الحافظ ابن رجب : وشكره يدخل فيه جميع فعل الطاعات . فيمتثلها ، ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها . ومعنى ذكره فلا ينسى ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته وسكناته وكلماته