مطلب : في : ويحسن تحسين لخلق وصحبة ولا سيما للولد المتأكد بيان حسن الخلق
( ويحسن ) أي يجمل ويلائم ، والمراد به هنا يشرع لأنه تارة يكون واجبا وأخرى مندوبا . وأصل الحسن بضم الحاء المهملة الجمال وضده القبح وهما للشيء بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته كحسن الحلو وقبح المر ، فالحسن صفة الكمال والقبح صفة النقص ، كحسن العلم وقبح الجهل وذلك عقلي .
وأما ترتب المدح والذم عاجلا والثواب والعقاب آجلا كحسن الطاعة وقبح المعصية فشرعي فلا يحكم به إلا الشرع المبعوث به الرسل عليهم الصلاة والسلام ( تحسين لخلق ) حسن الخلق هو القيام بحقوق المسلمين . والخلق صورة الإنسان الباطنة . قال في القاموس : الخلق بالضم وبضمتين السجية والطبع والمروءة والدين ، ومثله في المطالع . وقال الجوهري : الخلق والخلق السجية ، وفلان يتخلق بغير خلقه أي يتكلف . قال الشاعر :
يا أيها المتحلي غير شيمته
إن التخلق يأتي دونه الخلق
والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر ما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق وذم سوئه .
[ ص: 361 ] و ) يحسن تحسين ( لصحبة ) من يصحبه من المسلمين ، فإن ذلك ركن من أركان الدين . فإن معنى الدين سفر إلى الله سبحانه وتعالى . ومن أركان السفر حسن الصحبة في منازل السفر مع المسافرين . والخلق كلهم مسافرون يسير بهم العمر سير السفينة براكبها في البحر . وأقل درجات حسن الصحبة كف الأذى عنهم ، وهذا واجب .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم { } . رواه المؤمن من أمنه الناس ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه الإمام أحمد وأبو يعلى وإسناد والبزار جيد . وفوق ذلك أن ينفعهم ويحسن إليهم . وأعلى من ذلك أن يحتمل الأذى منهم ، ويحسن مع ذلك إليهم ، وهذه درجة الصديقين . الإمام أحمد
ومن كلام الحكماء : من أحسن إلى من أساء إليه فقد أخلص لله شكرا ، ومن أساء إلى من أحسن إليه فقد استبدل نعمة الله كفرا . وقد سئل سيدنا عن حسن الخلق فقال أن لا تغضب ولا تحقد . وعنه أنه قال : حسن الخلق أن تحتمل ما يكون من الناس . وقال الحسن : حسن الخلق الكرم والبذلة والاحتمال . وعن الإمام أحمد الشعبي : البذلة والعطية والبشر الحسن . وكان الشعبي كذلك . وعن : بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى . ابن المبارك
وسئل سلام بن مطيع عن حسن الخلق فأنشد قول الشاعر :
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
فلو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والبحر ساحله