وقد ورد في خصوص ما أخرجه القيام على رأس الكبير الجالس في الأوسط عن الطبراني قال : إنما هلك من كان قبلكم بأنهم عظموا ملوكهم بأن قاموا وهم قعود . أنس
وقال أبو الوليد بن رشد إن القيام يقع على أربعة أوجه : [ ص: 323 ]
الأول : محظور ، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبرا وتعاظما على القائمين إليه .
والثاني : مكروه ، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين ، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر ، ولما فيه من التشبه بالجبابرة .
والثالث : جائز ، وهو أن يقع على سبيل الإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة .
والرابع : مندوب ، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه ، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنيه أو مصيبة فيعزيه انتهى .
والحاصل من ذلك كله أن القيام لغير من ذكرنا مكروه .
والقاعدة زوال الكراهة بأدنى حاجة فكيف بالمصلحة الراجحة . وقد { قام النبي صلى الله عليه وسلم لجماعة منهم سيدة نساء العالم بضعته الشريفة عليها السلام فاطمة } .
قالت سيدتنا وأمنا عائشة الصديقة رضوان الله عليها : { كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه فاطمة } رواه ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم من النسائي والترمذي وقال حسن صحيح .
{ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تلقاه لما قدم من جعفر بن أبي طالب الحبشة فالتزمه ، وقبل ما بين عينيه رضوان الله عليه } . ومنهم
وروى عن البيهقي واثلة بن الخطاب رضي الله عنه وهو صحابي سكن دمشق قال { دخل رجل المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فتحرك له النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل : إن في المكان سعة ، فقال للمؤمن أو للمسلم حق } .
ومنهم ، لما دخل عليه مسلما مهاجرا قام إليه فرحا بقدومه . رواه عكرمة بن أبي جهل من طريق البيهقي بسنده مرفوعا ، ورواه الواقدي عن مالك الزهري مرسلا . ومنهم رضي الله عنه . روى زيد بن حارثة الترمذي وحسنه عن رضي الله عنها قالت { عائشة زيد بن حارثة المدينة : ورسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 324 ] في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبله } . ومنهم دخل عبد الله بن أم مكتوم .
قال في باب الضرير يولى من كتاب الإمارة { الخطابي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم كلما أقبل ويقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي عز وجل لابن أم مكتوم } وذكره جماعة غير من غير لفظ القيام . الخطابي
وروى أبو داود عن رضي الله عنه قال : { أبي هريرة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المجلس يحدثنا فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل بيوت أزواجه
وعن جرير رضي الله عنه { } رواه أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فألقى له كساءه ثم أقبل على أصحابه فقال إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه من أوجه كلها ضعيفة عندهم . وروى مرسلا عن البيهقي الشعبي بإسناد صحيح إليه
. وروى أبو داود عن عمرو بن السائب أنه بلغه { } . مرسل جيد إلى غير ذلك من الأخبار والآثار . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم أبوه من الرضاعة فأجلسه على بعض ثوبه ، ثم أقبلت أمه فوضع شق ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه ، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجلسه بين يديه
ولذا قال من أئمتنا : وإكرام العلماء وأشراف القوم بالقيام سنة مستحبة . وكره أن يطمع في القيام له للحديث . وقال أبو المعالي شيخ الإسلام : إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فقيامهم لكتاب الله أحق .