ولما تمم الكلام على أحكام الهجر والانصرام أعقب ذلك في النظام بذكر السلام فقال :
مطلب : في ورده وأنه من أسماء الله الحسنى : وكن عالما أن السلام لسنة وردك فرض ليس ندبا بأوطد ( وكن ) أيها المتشرع ، الذي لعلم الآداب متشوق ومتطلع . ( عالما ) علم إخلاص وتحقيق ، وامتثال وتدقيق ، ( أن السلام ) أي ابتداءه . وهو تحية أهل الإسلام ، ومعناه لغة الأمان . قال فضل بدء السلام الحجاوي في لغة إقناعه : السلام من أسماء الله تعالى .
وفي التشهد السلام عليك معرفا ويجوز منكرا ، ومعناه اسم الله عليك ، أو سلم الله عليك تسليما وسلاما ، ومن سلم الله عليه سلم ( لسنة ) مؤكدة صرحت بها الأخبار ، وصحت بها الآثار ، عن النبي المختار ، ونطق بها الكتاب في قوله { فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله } سنة عين من المنفرد ، وسنة على الكفاية من الجماعة ، والأفضل السلام من جميعهم ( و ) كن عالما أن ( ردك ) السلام المسنون على من ابتدأه عليك يعني حيث كان الابتداء في حالة يسن الابتداء فيها ( فرض ) على الكفاية من الجماعة . وفرض عين على الواحد لقوله تعالى { فالسلام وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } ولما نذكره من الأخبار النبوية ( ليس ) ردك السلام ( ندبا ) أي مندوبا بل واجب خلافا لظاهر كلام جماعة من الأصحاب ، رحمهم الملك الوهاب ( بأوطد ) أي بأثبت وأشهر ، يقال وطد الشيء يطده وطدا فهو وطيد وموطود أثبته وثقله كوطده فتوطد ، ووطد الشيء دام وثبت ورسا ، والمتواطد الدائم الثابت الذي بعضه في أثر بعض كما في القاموس ونحوه في النهاية . فالأثبت والأصح أن الرد واجب لا مندوب . وعلم منه .
أن ابتداء السلام ليس بواجب . وذكره إجماعا . وظاهر ما نقل عن ابن عبد البر الظاهرية وجوبه . وذكر الشيخ رضي الله عنه أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب وغيره . أحمد