قال : اجتمع فقهاء حنبل بغداد في ولاية إلى الواثق وقالوا له إن الأمر قد تفاقم وفشا ، يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه ، فناظرهم في ذلك وقال عليكم بالإنكار بقلوبكم [ ص: 231 ] ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، وانظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح بر ويستراح من فاجر . أبي عبد الله
وقال ليس هذا يعني نزعهم أيديهم من طاعته صوابا ، هذا خلاف الآثار . وقال المروذي : سمعت يأمر بالكف عن الأمراء وينكر الخروج إنكارا شديدا . وقال في رواية أبا عبد الله إسماعيل بن سعيد : الكف أي يجب الكف لأنا نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم { ما صلوا فلا } أي فلا تنزع يد طاعتهم مدة دوامهم يصلون . خلافا للمتكلمين في جواز قتالهم كالبغاة . وفرق القاضي بينهما من جهة الظاهر والمعنى .
أما الظاهر فإن الله تعالى أمر بقتال البغاة بقوله تعالى { وإن طائفتان } الآية . وفي مسألتنا أمر بالكف عن الأئمة بالأخبار المذكورة . وأما معنى فإن الخوارج يقاتلون بالإمام ، وفي مسألتنا يحصل قتالهم بغير إمام انتهى .
قال الإمام رضي الله عنه : عبد الله بن المبارك
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا منه بعروته الوثقى لمن دانا كم يدفع الله بالسلطان معضلة
في ديننا رحمة منه ودنيانا لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل
وكان أضعفنا نهبا لأقوانا
قال الإمام الحافظ ابن الجوزي : الجائز من التعريف والوعظ . فأما تخشين القول نحو يا ظالم يا من لا يخاف الله فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرها إلى الغير لم يجز ، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء . الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين
قال والذي أراه المنع من ذلك ، لأن المقصود إزالة المنكر وحمل السلطان بالانبساط عليه أي حمله السلطان على أن يبسط يده في التعدي عليه أكثر من فعل المنكر الذي قصد إزالته . وقد قال سيدنا رضي الله عنه : لا يتعرض بالسلطان ، فإن سيفه مسلول ، وعصاه . الإمام أحمد
فأما ما جرى للسلف من التعرض لأمرائهم فإنهم كانوا يهابون العلماء ، فإذا انبسطوا عليهم احتملوهم في الأغلب . [ ص: 232 ] رضي الله عنه من حديث ولأحمد عطية السعدي رضي الله عنه { } . إذا استشاط السلطان ، تسلط عليه الشيطان
وفي مسند بسند فيه جهالة عن سيدنا البزار رضوان الله عليه قال { أبي عبيدة بن الجراح } قال الحافظ قلت يا رسول الله أي الشهداء أكرم على الله ؟ قال رجل قام إلى إمام جائر فأمره بمعروف ونهاه عن منكر فقتله ابن رجب رحمه الله تعالى : وقد روى معناه من وجوه أخر كلها فيها ضعف .
وأخرج أبو داود وابن ماجه والترمذي عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي سعيد } وخرج أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر معناه من حديث ابن ماجه أبي أمامة . .