( ومنها ) إذا . فقال الأصحاب : تطلق اثنين ; لأنه موضوع للإيقاع كاللفظ الأول ، ولهذا يقال : إذا دار الأمر بين التأسيس والتأكيد فالتأسيس أولى وهذا يرجع إلى الحمل على الظاهر مع بقاء الزوجية وعدم وقوع الثانية والثالثة إذا كرر ثلاثا فيتوجه أن يخرج رواية أخرى بوقوع الرستفغني مع الإطلاق لأنه المتيقن ، ويشهد ما نقله قال لمدخول بها : أنت طالق أنت طالق ، ولم يقصد بالثانية تأكيدا ولا إيقاعا بل أطلق النية عن أبيه أنه قال : إذا قال : أنت طالق أنت طالق ، وقد دخل بها فهو على ما أراد إن كان أراد إفهامها فهو الذي أراد وإن أراد غير ذلك فهو على ما أراد فلم يوقع الثانية بدون النية . صالح
وقد حكى أبو بكر عبد العزيز فيما إذا قال : أنت طالق بل أنت طالق ، وأطلق النية أنه لا يلزمه أكثر من واحدة فإن نوى بالثانية طلقة أخرى فهل يلزمه أم لا ؟ على قولين ; لأنه إعادة اللفظ الأول بعينه فلا يحتمل التكرار كذلك حكى عنه في كتاب الروايتين . القاضي
ويلزم من ذلك أنه إذا قال : أنت طالق وكرره وأطلق النية أنه لا يلزمه أكثر من واحدة وههنا مسألة حسنة نص [ ص: 347 ] عليها في رواية أحمد ابن منصور فيما إذا قال لامرأته : أنت طالق بل أنت طالق ، قال : هي تطليقتان هذا كلام مستقيم وإن قال : أنت طالق لا بل أنت طالق هي واحدة ، والفرق بينهما أن بل من حروف العطف إذا كان بعدها مفرد وهي هنا كذلك لأن اسم الفاعل من المفردات وإن كان متحملا لضمير بدليل أنه يعرب ، والجمل لا تعرب ، ولأنه لا يقع صلة ولو كان جملة لوقع صلة وحينئذ فيكون ما بعده معطوفا على ما قبله وقد أوقع قبله واحدة ثم عطف عليها أخرى فتقع اثنتان ، كما لو أتى بواو خلعت وهذا معنى قول أحمد : هذا كلام مستقيم - يعني أنه نسق بعضه على بعض كسائر المعطوف بالواو وثم ونحوهما - وأما قول ابناي إن ما قبله يصير مسكوتا عنه غير مثبت ولا منفي فهذا فيما يقبل النفي بعد إثباته ، والطلاق ليس كذلك فتعين إثبات الأول وعطف الثاني عليه .
وأما إذا قال : أنت طالق لا بل أنت طالق فقد صرح بنفي الأول ثم أثبته بعد نفيه فيكون المثبت هو المنفي بعينه وهو الطلقة الأولى فلا يقع به طلقة ثانية ، وهو قريب من معنى الاستدراك كأنه نسي أن الطلاق الموقع لا ينفى فاستدرك وأثبته لئلا يتوهم السامع أن الطلاق قد ارتفع بنفيه فهذا إعادة للأول لا استئناف طلاق .