[ ص: 292 ] ثم دخلت سنة
فيها قدم مسعود بن محمد بغداد ، وقدمها قراجا الساقي ، ومعه ست وعشرين وخمسمائة سلجوق شاه بن محمد ، وكل منهما يطلب الملك لنفسه ، وقدم عماد الدين زنكي بن آق سنقر لينضم إليهما فتلقاه قراجا الساقي ، فهزمه فهرب منه إلى تكريت ، فخدمه نائب قلعتها نجم الدين أيوب - والد الملك صلاح الدين الذي فتح القدس فيما بعد حتى عاد إلى بلاده - فكان هذا هو السبب في مصير نجم الدين أيوب إليه ، وهو بحلب فخدم عنده ، ثم كان من الأمور ما سيأتي بيانه مما قدره الله تعالى .
ثم إن الملكين مسعودا وسلجوق شاه اجتمعا فاصطلحا ، وركبا إلى الملك سنجر ، فاقتتلا معه ، فكان جيشه مائة وستين ألفا ، وكان الذين معهما قريبا من ثلاثين ألفا ، وكان جملة من قتل بينهما أربعين ألفا ، وأسر جيش سنجر قراجا الساقي فقتله صبرا بين يديه ، ثم أجلس طغرل بن محمد على سرير الملك ، وخطب له على المنابر ورجع سنجر إلى بلاده ، وكتب طغرل إلى دبيس وزنكي ليذهبا إلى بغداد فيأخذاها ، فأقبلا في جيش كثيف فبرز إليهما الخليفة فهزمهما ، وقتل خلقا من أصحابهما ، وأزاح الله شرهما عنه ، ولله الحمد . وفيها قتل أبو علي بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ الفاطمي ، فنقل الحافظ الأموال التي كان أخذها إلى داره ، واستوزر بعده أبا الفتح يانس [ ص: 293 ] الحافظي ولقبه أمير الجيوش ، ثم احتال له فقتله ، واستوزر ولده حسنا وخطب له بولاية العهد .
وفيها عزل المسترشد وزيره واستوزر علي بن طراد الزينبي ، أنوشروان بن خالد بعد تمنع . وفيها ملك دمشق بعد وفاة أبيه ، واستوزر شمس الملوك إسماعيل بن بوري بن طغتكين يوسف بن فيروز ، وكان خيرا ، فملك بلادا كثيرة ، وأطاعه أخوه .