فيها المهدي ابنه إلى موسى الهادي جرجان في جيش كثيف لم ير مثله ، وجعل على رسائله وجه أبان بن صدقة .
وفيها توفي عيسى بن موسى الذي كان ولي العهد من بعد المهدي فخلع ، وكانت وفاته بالكوفة ، فأشهد نائبها روح بن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الأعيان ، ثم دفن ، وكان قد امتنع من الصلاة عليه فبلغ ذلك المهدي ، فكتب إليه يعنفه أشد التعنيف وأمر بمحاسبته على عمله .
وفيها عزل المهدي أبا عبيد الله معاوية بن عبيد الله عن ديوان الرسائل ، وولاه فاستخلف فيه الربيع بن يونس الحاجب ، سعيد بن واقد ، وكان أبو عبيد الله يدخل على مرتبته .
وفيها وقع وباء شديد وسعال كثير ببغداد والبصرة وأظلمت الدنيا فكانت كالليل حتى تعالى النهار ، وكان ذلك لليال بقين من ذي الحجة من هذه السنة .
وفيها المهدي جماعة من الزنادقة في سائر الآفاق ، فاستحضرهم وقتلهم [ ص: 533 ] صبرا بين يديه ، وكان المتولي أمر تتبع الزنادقة عمر الكلواذي .
وفيها المهدي بزيادة كبيرة في المسجد الحرام ، فدخل في ذلك دور كثيرة ، وولى ذلك أمر يقطين بن موسى الموكل بأمر الحرمين ومصالحهما ، فلم يزل في عمارة ذلك حتى مات المهدي كما سيأتي ، ولم يكن للناس صائفة; للهدنة .
المدينة إبراهيم بن محمد ، وتوفي بعد فراغه من الحج بأيام ، وولي مكانه وحج بالناس نائب إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس .
وممن توفي فيها من الأعيان : بشار بن برد ، أبو معاذ الشاعر مولى عقيل ، ولد أعمى ، وقال الشعر وهو دون عشر سنين ، وله التشبيهات التي لم يهتد إليها البصراء ، وقد أثنى عليه الأصمعي والجاحظ وأبو تمام ، وأبو عبيدة وقال : له ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر جيد . فلما بلغ المهدي أنه هجاه ، وشهد عليه قوم أنه زنديق ، أمر به فضرب حتى مات عن بضع وسبعين سنة . وقد ذكره ابن خلكان في " الوفيات " ، فقال : [ ص: 534 ] مولاهم ، وقد نسبه صاحب الأغاني فأطال نسبه ، وهو بصري ، قدم بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي بغداد وأصله من طخارستان ، وكان ضخما عظيم الخلق ، وشعره في أول طبقات المولدين ، ومن شعره البيت المشهور :
هل تعلمين وراء الحب منزلة تدني إليك فإن الحب أقصاني
وقوله :أنا والله أشتهي سحر عيني ك وأخشى مصارع العشاق
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم الأذن كالعين تولي القلب ما كانا
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن بحزم نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فريش الخوافي تابع للقوادم
[ ص: 535 ] وما خير كف أمسك الغل أختها وما خير سيف لم يؤيد بقائم
الأرض مظلمة والنار مشرقة والنار معبودة مذ كانت النار
وفيها توفي الحسن بن صالح بن حيي ، وحماد بن سلمة ، والربيع بن مسلم ، وسعيد بن عبد العزيز بن مسلم ، وعتبة [ ص: 536 ] الغلام; وهو عتبة بن أبان بن صمعة ، أحد العباد المشهورين ، والبكائين المذكورين ، كان يأكل من عمل يده في الخوص ، ويصوم الدهر ويفطر على الخبز والملح . والقاسم الحداني ، وأبو هلال محمد بن سليم ، ومحمد بن طلحة ، . وأبو حمزة السكري محمد بن ميمون