[ ص: 171 ] ثم دخلت
فيها كانت حروب كثيرة بين جلال الدين والتتار ، كسروه غير مرة ، ثم بعد ذلك كله كسرهم كسرة عظيمة ، وقتل منهم خلقا وأمما لا يحصون كثرة ، وكان هؤلاء سنة خمس وعشرين وستمائة التتار قد انفردوا وعصوا على فكتب جنكزخان ، ابن جنكزخان إلى جلال الدين يقول : إن هؤلاء ليسوا منا ونحن أبعدناهم ، ولكن سترى منا ما لا قبل لك به .
وفيها الفرنج من ناحية صقلية ، فنزلوا عكا وصور ، وحملوا على مدينة صيدا ، فانتزعوها من أيدي المسلمين ، وغزوها وقويت شوكتهم ، وجاء قدمت طائفة كبيرة من الأنبرور ملك جزيرة قبرس ، ثم سار فنزل عكا فخاف المسلمون ، وبالله المستعان .
وركب الملك الكامل محمد بن العادل صاحب مصر إلى بيت المقدس فدخله ، ثم سار إلى نابلس ، فخاف الناصر داود بن المعظم من عمه الكامل ، فكتب إلى عمه الأشرف ، فقدم عليه جريدة ، وكتب إلى أخيه الكامل يستعطفه ، ويكفه عن ابن أخيه ، فأجابه الكامل بأني إنما جئت لحفظ بيت [ ص: 172 ] المقدس وصونه عن الفرنج الذين يريدون أخذه ، وحاشى لله أن أحاصر أخي أو ابن أخي ، وبعد أن جئت أنت إلى الشام ، فأنت تحفظها ، وأنا راجع إلى الديار المصرية . فخشي الأشرف وأهل الشام إن رجع الكامل أن تمتد أطماع الفرنج إلى بيت المقدس ، فركب الأشرف إلى أخيه الكامل ، فثبطه عن الرجوع . وأقاما جميعا هنالك ، جزاهما الله خيرا ، يحفظان جناب بيت المقدس عن الفرنج لعنهم الله تعالى ، واجتمع إلى الملك جماعة من ملوكهم ، كأخيه الأشرف وأخيهما الشهاب غازي بن العادل ، وأخيهم الصالح إسماعيل بن العادل ، وصاحب حمص وغيرهم . واتفقوا كلهم على نزع أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن شيركوه ، الناصر داود عن ملك دمشق وتسليمها إلى الأشرف موسى; لأجل حفظ الشام من الفرنج ، وسيأتي تنفيذ ذلك في السنة المستقبلة ، إن شاء الله تعالى .
وفيها عزل الصدر البكري عن حسبة دمشق ومشيخة الشيوخ ، وولي فيهما اثنان غيره .
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : وفي أوائل رجب توفي الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن المراكشي المقيم بالمدرسة المالكية ، ودفن بالمقبرة التي وقفها الرئيس خليل بن زويزان قبلي مقابر الصوفية ، وكان أول من دفن بها .