[ ص: 329 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائة
فيها قسطنطين ملك الروم ملطية عنوة ، فهدم سورها ، وعفا عمن قدر عليه من مقاتليها . دخل
وفيها صالح بن علي نائب مصر ، فبنى ما كان هدمه ملك غزا الصائفة الروم من سور ملطية وأطلق لأخيه عيسى بن علي أربعين ألف دينار ، وكذلك أعطى لابن أخيه العباس بن محمد بن علي أربعين ألف دينار .
وفيها بايع عبد الله بن علي الذي فتح دمشق ثم كسره أبو مسلم كما تقدم وانهزم إلى البصرة ، واستجار بأخيه سليمان بن علي ، حتى بايع للخليفة في هذه السنة ، ورجع إلى طاعته ، ولكن حبس في سجن بغداد ، كما سيأتي .
وفيها جهور بن مرار العجلي الخليفة المنصور ، وذلك بعدما كسر خلع سنباذ ، واستحوذ على حواصله وما كان عنده من أموال أبي مسلم ، فقويت نفسه بذلك ، وظن أنه يقدر على منابذة الخليفة بتلك الأموال ، فأرسل إليه الخليفة محمد بن الأشعث الخزاعي في جيش كثيف ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فهزم جهور ، وقتل عامة أصحابه ، وأخذ ما كان معه من الأموال والحواصل ، ثم لحقوه فقتلوه .
[ ص: 330 ] وفيها الملبد الخارجي على يدي خازم بن خزيمة في ثمانية آلاف ، وقتل من أصحاب قتل الملبد ما يزيد على الألف ، وانهزم بقيتهم . ولله الحمد والمنة .
قال الواقدي : وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن صالح بن علي . والنواب فيها هم المذكورون في التي قبلها .
وممن توفي فيها : زيد بن واقد ، والعلاء بن عبد الرحمن ، وليث ابن أبي سليم ، في قول .
وفيها كانت خلافة الداخل على بلاد الأندلس ، وهو كان قد دخل إلى بلاد عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الهشامي ، المغرب فاجتاز بمن معه من أصحابه بقوم يقتتلون على عصبية اليمانية والمضرية ، فبعث مولاه بدرا إليهم فاستمالهم إليه ، فبايعوه ودخل بهم ، ففتح بلاد الأندلس ، واستحوذ عليها ، وانتزعها من يد نائبها يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري وقتله ، وسكن عبد الرحمن قرطبة ، واستمر في خلافته في تلك البلاد من هذه السنة - أعني سنة ثمان وثلاثين [ ص: 331 ] ومائة - إلى سنة ثنتين وسبعين ومائة فتوفي فيها ، وله في الملك أربع وثلاثون سنة وأشهر .
ثم قام من بعده ولده هشام ست سنين وأشهرا ثم مات ، فولي ولده الحكم بن هشام ستا وعشرين سنة وأشهرا ، ثم من بعده ولده عبد الرحمن بن الحكم ثلاثا وثلاثين سنة ، ثم من بعده محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ستا وعشرين سنة ، ثم ابنه المنذر بن محمد ، ثم أخوه عبد الله بن محمد ، ثم ابن ابنه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن المنذر . وكانت أيامه بعد الثلاثمائة بدهر ، ثم زالت تلك الدولة كما سنذكر ، ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنهم على ميعاد .