مدنية كلها
1- وفرضناها فرضنا ما فيها.
8- ويدرأ عنها العذاب أي يدفعه عنها. والعذاب: الرجم.
11- جاءوا بالإفك أي بالكذب.
وقوله: لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم يعني أي تؤجرون فيه. عائشة.
والذي تولى كبره أي [عظمه] قال الشاعر يصف امرأة:
تنام عن كبر شأنها فإذا ... [قامت رويدا تكاد تنغرف]
أي تنام عن عظم شأنها; لأنها منعمة.
12- لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا أي بأمثالهم من المسلمين. على ما بينا في كتاب "المشكل" .
13- لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء أي هلا جاءوا.
14- في ما أفضتم فيه [أي خضتم فيه] .
15- إذ تلقونه أي تقبلونه. ومن قرأ "تلقونه" أخذه من الولق وهو الكذب. وبذلك قرأت . [ ص: 302 ] عائشة
21- ما زكا منكم من أحد أي ما طهر.
الله يزكي أي يطهر.
22- ولا يأتل أولو الفضل منكم أي لا يحلف. وهو يفتعل من الألية، وهي اليمين. وقرئت أيضا: ولا يتأل على يتفعل.
أن يؤتوا أراد أن لا يؤتوا. فحذف "لا". وكان أبو بكر حلف أن لا ينفق على وقرابته الذين ذكروا مسطح وقال عائشة، أبو عبيدة: لا يأتل، هو يفتعل من ألوت. يقال: ما ألوت أن أصنع كذا وكذا. وما آلو [جهدا] قال النابغة الجعدي:
وأشمط عريانا يشد كتافه ... يلام على جهد القتال وما ائتلا
أي ما ترك جهدا.
25- يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق الدين هاهنا الحساب. والدين يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب "المشكل" .
26- الخبيثات من الكلام.
للخبيثين من الناس.
والخبيثون من الناس.
للخبيثات من الكلام .
أولئك مبرءون يعني عائشة.
وكذلك الطيبات للطيبين على هذا التأويل. [ ص: 303 ]
27- حتى تستأنسوا أي حتى تستأذنوا وتسلموا والاستئناس: أن يعلم من في الدار. تقول: استأنست فما رأيت أحدا; أي استعلمت وتعرفت. ومنه: فإن آنستم منهم رشدا أي علمتم. قال النابغة:
كأن رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد
يعني ثورا أبصر شيئا فهو فزع.
29- بيوتا غير مسكونة بيوت الخانات.
فيها متاع لكم أي منفعة لكم من الحر والبرد.
والستر والمتاع: النفع.
31- ولا يبدين زينتهن يقال: الدملج والوشاحان، ونحو ذلك.
إلا ما ظهر منها يقال: الكف والخاتم. ويقال: الكحل والخاتم .
أو إخوانهن يعني الإخوة.
أو نسائهن يعني المسلمات. ولا ينبغي للمسلمة أن تتجرد بين يدي كافرة.
أو التابعين غير أولي الإربة يريد الأتباع الذين ليست لهم إربة في النساء، أي حاجة، مثل الخصي والخنثى والشيخ الهرم. [ ص: 304 ] أو الطفل يريد الأطفال. يدلك على ذلك قوله: الذين لم يظهروا على عورات النساء أي لم يعرفوها ولم يفهموها.
ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن أي لا يضربن بإحدى الرجلين على الأخرى ليصيب الخلخال الخلخال، فيعلم أن عليها خلخالين.
32- وأنكحوا الأيامى منكم والأيامى من الرجال والنساء: هم الذين لا أزواج لهم. يقال: رجل أيم، وامرأة أيم; ورجل أرمل، وامرأة أرملة ورجل بكر، وامرأة بكر: إذا لم يتزوجا. ورجل ثيب، وامرأة ثيب: إذا كانا قد تزوجا.
والصالحين من عبادكم أي من عبيدكم. يقال: عبد وعباد وعبيد. كما يقال: كلب وكلاب وكليب.
33- والذين يبتغون الكتاب أي يريدون المكاتبة من العبيد والإماء، على أنفسهم.
فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا عفافا وأمانة.
وآتوهم من مال الله أي أعطوهم، أو ضعوا عنهم شيئا مما يلزمهم.
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء أي لا تكرهوا الإماء على الزنا.
لتبتغوا عرض الحياة الدنيا أي لتأخذوا من أجورهم على ذلك.
ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم يقال: للإماء . [ ص: 305 ]
35- الله نور السماوات والأرض مثل نوره في قلب المؤمن.
كمشكاة وهي: الكوة غير النافذة.
فيها مصباح أي سراج.
كوكب دري مضيء، منسوب إلى الدر.
ومن قرأ: (دريء بالهمز وكسر الدال، فإنه من الكواكب الدرارئ وهن: اللائي يدرأن عليك، أي يطلعن. وتقديره: فعيل، من "درأت" أي دفعت.
لا شرقية ولا غربية أي ليست في مشرقة أبدا، فلا يصيبها ظل. ولا في مقنأة أبدا، فلا تصيبها الشمس. ولكنها قد جمعت الأمرين فهي شرقية غربية: تصيبها الشمس في وقت، ويصيبها الظل في وقت.
37- تتقلب فيه القلوب والأبصار أي تتقلب عما كانت عليه في الدنيا: من الشك والكفر; وتتفتح فيه الأبصار من الأغطية.
39- (السراب ما رأيته من الشمس كالماء نصف النهار. و "الآل": ما رأيته في أول النهار وآخره، الذي يرفع كل شيء.
بقيعة والقيعة: القاع. قال ذلك أبو عبيدة.
وأهل النظر من أصحاب اللغة يذكرون: أن "القيعة" جمع "القاع" ; قالوا: والقاع واحد مذكر، وثلاثة: أقواع، والكثيرة منها: قيعان وقيعة. [ ص: 306 ]
41- والطير صافات قد صفت أجنحتها في الطيران.
43- يزجي سحابا أي يسوقه.
ثم يجعله ركاما بعضه فوق بعض.
فترى الودق يعني المطر.
يخرج من خلاله أي من خلله.
سنا برقه ضوءه.
49- يأتوا إليه مذعنين أي مقرين خاضعين.
53- وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا وتم الكلام. ثم قال: طاعة معروفة ; أراد: هي طاعة معروفة.
وفي هذا الكلام حذف للإيجاز، يستدل بظاهره عليه. كأن القوم كانوا ينافقون ويحلفون في الظاهر على ما يضمرون خلافه; فقيل لهم: "لا تقسموا; هي طاعة معروفة، صحيحة لا نفاق فيها; لا طاعة فيها نفاق" .
وبعض النحويين يقولون: الضمير فيها: "لتكن منكم طاعة معروفة".
54- فإن تولوا أي أعرضوا.
فإنما عليه أي على الرسول.
ما حمل من التبليغ.
وعليكم ما حملتم من القبول. أي ليس عليه ألا تقبلوا.
58- ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم يعني: العبيد والإماء.
والذين لم يبلغوا الحلم منكم يعني: الأطفال; (ثلاث مرات . [ ص: 307 ] ثم بينهن، فقال: من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء يريد: عند النوم.
ثم قال: ثلاث عورات لكم يريد هذه الأوقات، لأنها أوقات التجرد وظهور العورة:
فأما قبل صلاة الفجر، فللخروج من ثياب النوم، ولبس ثياب النهار.
وأما عند الظهيرة فلوضع الثياب للقائلة.
وأما بعد صلاة العشاء، فلوضع الثياب للنوم.
ثم قال: ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي بعد هذه الأوقات.
ثم قال: طوافون عليكم ; يريد: أنهم خدمكم، فلا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات الثلاثة، بغير إذن. قال الله عز وجل: يطوف عليهم ولدان مخلدون أي يطوفون عليهم في الخدمة. جعلها بمنزلة العبيد والإماء. وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الهرة: "ليست بنجس; إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات"
59- وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا في كل وقت.
كما استأذن الذين من قبلهم يعني: الرجال.
60- والقواعد يعني: العجز. واحدها: قاعد.
ويقال: "إنما قيل لها قاعد: لقعودها عن المحيض والولد".
وقد تقعد عن المحيض والولد: ومثلها يرجو النكاح، أي يطمع فيه. [ ص: 308 ] ولا أراها سميت قاعدا، إلا بالقعود. لأنها إذا أسنت: عجزت عن التصرف وكثرة الحركة، وأطالت القعود; فقيل لها: "قاعد" بلا هاء; ليدل بحذف الهاء على أنه قعود كبر. كما قالوا: "امرأة حامل" بلا هاء; ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل. وقالوا في غير ذلك: قاعدة في بيتها، وحاملة على ظهرها.
فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن يعني: الرداء.
وأن يستعففن فلا يلقين الرداء.
خير لهن والعرب تقول: "امرأة واضع": إذا كبرت فوضعت الخمار. ولا يكون هذا إلا في الهرمة.
61- ليس على الأعمى حرج في مؤاكلة الناس. وكذلك الباقون: وإن اختلفوا فكان فيهم الرغيب والزهيد. وقد بينت هذا في كتاب "المشكل"، واختلاف المفسرين فيه .
ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم يريد: من أموال نسائكم ومن ضمته منازلكم.
أو ما ملكتم مفاتحه يعني: بيوت العبيد. لأن السيد يملك منزل عبده.
ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أي مجتمعين.
أو أشتاتا أي مفترقين. وكان المسلمون يتحرجون من مؤاكلة أهل الضر -: خوفا من [ ص: 309 ] أن يستأثروا عليهم - ومن الاجتماع على الطعام: لاختلاف الناس في مأكلهم، وزيادة بعضهم على بعض. فوسع الله عليهم.
فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قال : "أراد المساجد، إذا دخلتها فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". ابن عباس
وقال : "ليسلم بعضكم على بعض. كما قال تعالى: الحسن ولا تقتلوا أنفسكم .
62- وإذا كانوا معه على أمر جامع يريد يوم الجمعة، لم يذهبوا حتى يستأذنوه لم يقوموا إلا بإذنه.
ويقال: بل نزل هذا في حفر الخندق; وكان قوم يتسللون منه بلا إذن .
63- لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يعني: فخموه وشرفوه، وقولوا: يا رسول الله، ويا نبي الله، ونحو هذا. ولا تقولوا: يا محمد، كما يدعو بعضكم بعضا بالأسماء.
قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا أي من يستتر بصاحبه في استلاله، ويخرج. ويقال: لاذ فلان بفلان; [إذا استتر به] .
و"اللواذ": مصدر "لاوذت به"، فعل اثنين. ولو كان مصدرا لـ "لذت" لكان "لياذا". هذا قول الفراء.