الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 154 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم دخلت سنة ثنتين وأربعين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها غزا المسلمون اللان والروم ، فقتلوا من أمرائهم وبطارقتهم خلقا كثيرا ، وغنموا وسلموا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولى معاوية مروان بن الحكم نيابة المدينة ، وعلى مكة خالد بن العاص بن هشام ، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة ، وعلى قضائها شريح القاضي ، وعلى البصرة عبد الله بن عامر ، وعلى خراسان قيس بن الهيثم من قبل عبد الله بن عامر واستقضى مروان على المدينة عبد الله بن الحارث ، وعلى قضاء البصرة عميرة بن يثربي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة تحركت الخوارج الذين كانوا قد عفا عنهم علي يوم النهروان وقد عوفي جرحاهم وثابت إليهم قواهم ، فلما بلغهم مقتل علي ترحموا على قاتله ابن ملجم ، وقال قائلهم : لا يقطع الله يدا علت قذال علي بالسيف . وجعلوا يحمدون الله على قتل علي ، ثم عزموا على الخروج على الناس ، وتوافقوا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يزعمون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة قدم زياد بن أبيه على معاوية ، وكان قد امتنع عليه قريبا من سنة في قلعة عرفت به يقال لها : قلعة زياد . فكتب إليه معاوية : ما يحملك على أن تهلك نفسك ؟ أقدم علي فأخبرني بما صار إليك من أموال فارس [ ص: 155 ] وما صرفت منها وما بقي عندك ، فائتني به وأنت آمن ، فإن شئت أن تقيم عندنا فعلت ، وإلا ذهبت حيثما شئت من الأرض فأنت آمن . فعند ذلك أزمع زياد السير إلى معاوية ، فبلغ المغيرة قدومه ، فخشي أن يجتمع بمعاوية قبله ، فسار نحو دمشق إلى معاوية ، فسبقه زياد إلى معاوية بشهر ، فقال معاوية للمغيرة : ما هذا وهو أبعد منك وأنت جئت بعده بشهر ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه ينتظر الزيادة ، وأنا أنتظر النقصان . فأكرم معاوية زيادا ، وقبض ما كان معه من الأموال ، وصدقه فيما صرفه وما بقي عنده .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية