أبي حدرد إلى الغابة
قال سرية يونس ، عن محمد بن إسحاق : كان من حديث قصة أبي حدرد [ ص: 365 ] وغزوته إلى الغابة ما حدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم ، عن أبي حدرد قال : تزوجت امرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم . قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي فقال : " كم أصدقت ؟ " فقلت : مائتي درهم . فقال : " سبحان الله! والله لو كنتم تأخذونها من واد ما زاد ، والله ما عندي ما أعينك به " . فلبثت أياما ، ثم أقبل رجل من جشم بن معاوية يقال له : رفاعة بن قيس ، أو قيس بن رفاعة . في بطن عظيم من جشم ، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة ، يريد أن يجمع قيسا على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذا اسم وشرف في جشم . قال : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من المسلمين فقال : " اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم " . وقدم لنا شارفا عجفاء ، فحمل عليه أحدنا ، فوالله ما قامت به ضعفا ، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم ، حتى استقلت وما كادت ، وقال : " تبلغوا على هذه " فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف ، حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس ، فكمنت في ناحية ، وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم ، وقلت لهما : إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في العسكر فكبرا وشدا معي . فوالله إنا لكذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا ، وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء ، وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد ، فأبطأ عليهم وتخوفوا عليه ، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس ، فأخذ [ ص: 366 ] سيفه فجعله في عنقه فقال : والله لأتيقنن أمر راعينا ، ولقد أصابه شر . فقال نفر ممن معه : والله لا تذهب ، نحن نكفيك . فقال : لا يذهب إلا أنا . قالوا : فنحن معك . فقال : والله لا يتبعني منكم أحد . وخرج حتى يمر بي ، فلما أمكنني نفحته بسهم ، فوضعته في فؤاده ، فوالله ما تكلم ، فوثبت إليه فاحتززت رأسه ، ثم شددت ناحية العسكر وكبرت ، وشد صاحباي وكبرا ، فوالله ما كان إلا النجاء ممن كان فيه ، عندك عندك ، بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم ، واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة ، فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجئت برأسه أحمله معي ، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي ، فجمعت إلي أهلي .