صفة فرش أهل الجنة
قال الله تعالى : متكئين على فرش بطائنها من إستبرق [ الرحمن : 54 ] . فإذا كانت البطائن من إستبرق ، فما الظن بالظهائر . قاله ابن مسعود . وقال تعالى : وفرش مرفوعة [ الواقعة : 34 ] .
وروى أحمد من حديث والترمذي دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، وفرش مرفوعة قال : " والذي نفسي بيده ، إن ارتفاعها كما بين السماء والأرض ، وإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام " . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رشدين . يعني عن عمرو بن الحارث ، عن دراج .
قلت : وقد رواه حرملة ، عن ابن وهب . ثم قال الترمذي : وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث : إن معناه الفرش في الدرجات ، [ ص: 334 ] وبين الدرجات كما بين السماء والأرض .
قلت : ومما يقوي هذا ما رواه عن عبد الله بن وهب ، عمرو ، عن دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : وفرش مرفوعة . قال : " ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض " . وهذا أشبه أن يكون محفوظا .
وقال حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، كعب الأحبار ، في قوله تعالى : وفرش مرفوعة قال : مسيرة أربعين سنة . يعني أن الفرش في كل محل وموطن موجودة مهيأة لاحتمال الاحتياج إليها في ذلك الموضع ، كما قال تعالى : فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة [ الغاشية : 12 - 16 ] . أي النمارق وهي المخاد مصفوفة في كل مكان يليق بها ، لاحتمال الاحتياج إليها في ذلك المكان ، وكذا الزرابي ، وهي البسط الجياد المفتخرة مبثوثة هاهنا ، وهاهنا في أماكن المستنزهات من الجنة ، كما قال تعالى : متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان [ الرحمن : 76 ] والعباقري : هي عتاق البسط ، أي جيادها وخيارها وحسانها وهي بسط الجنة لا الدنيا ، وقد خوطب العرب بما هو معروف عندهم ، وفي الجنة ما هو أحسن وأجمل وأبهى وأسنى وأعظم مما في النفوس ، وأجل من كل صنف ونوع من أصناف الملاذ [ ص: 335 ] وأجناس الأشياء كلها ، وألذ في المناظر والنفوس .
والنمارق : جمع نمرقة بضم النون ، وحكي كسرها ، وهي الوسائد ، وقيل : المساند . وقد يعمها اللفظ ، والزرابي : البسط . والرفرف قيل : رياض الجنة وما يكون على شاطئ الأنهار من النبات والأزهار . وقيل : ضرب من الثياب . والعبقري : جياد البسط وقيل غير ذلك ، والله أعلم .