[ ص: 219 ] ذلك ذكر الأحاديث الواردة في
قد تقدم في حديث النواس بن سمعان عند مسلم عيسى ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق . وفي غير رواية أن مسلم : المنارة البيضاء الشرقية بدمشق . وهذا أشبه ، فإن في سياق الحديث " أنه ينزل على " ففيه من الدلالة الظاهرة أنه ينزل على منارة المعبد الأعظم الذي يكون فيه إمام المسلمين إذ ذاك ، وإمام المسلمين يومئذ هو فينزل وقد أقيمت الصلاة للصبح فيقول له إمام المسلمين : تقدم يا روح الله . فيقول : لا ، إنها إنما أقيمت لك المهدي فيما قيل ، وهو جامع دمشق الأكبر . والله أعلم .
وقد تقدم في حديث أبي أمامة أنه ينزل في غير دمشق ، وليس ذلك بمحفوظ .
وكذا الحديث الذي ساقه في " تاريخه " من طريق ابن عساكر محمد بن عائذ ، ثنا الوليد ، ثنا من سمع عبد الرحمن بن ربيعة ، يحدث عن عبد الرحمن بن أيوب بن نافع بن كيسان ، عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى ابن مريم عند باب دمشق - قال نافع : ولا أدري أي بابها يريد - عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين ممشقين ، كأنما يتحدر من رأسه اللؤلؤ " . ففيه مبهم لم يسم ، وهو منكر; إذ هو مخالف لما ثبت في الصحاح من أن نزوله وقت السحر عند إضاءة الفجر وقد [ ص: 220 ] أقيمت الصلاة ، والله أعلم .
قال مسلم : حدثنا حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، شعبة ، عن النعمان بن سالم ، سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول : عبد الله بن عمرو وجاءه رجل فقال : ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ تقول : إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا . فقال : سبحان الله - أو لا إله إلا الله ، أو كلمة نحوهما - لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا ، إنما قلت : إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما; يحرق البيت ، ويكون ويكون . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال في أمتي ، فيمكث أربعين - لا أدري أربعين يوما ، أو أربعين شهرا ، أو أربعين عاما - فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه ، حتى تقبضه " . قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : " فيبقى شرار الناس في خفة الطير ، وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ، ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون؟ فيقولون : فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا " . قال : " وأول من [ ص: 221 ] يسمعه رجل يلوط حوض إبله " . قال : " فيصعق ، ويصعق الناس ، ثم يرسل الله - أو قال : " ينزل الله " - مطرا ، كأنه الطل - أو الظل ، نعمان الشاك - فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسئولون [ الصافات " 24 ] يقال : أخرجوا بعث النار . فيقال : من كم؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين " . قال : " وذلك يوم يجعل الولدان شيبا ، ويوم يكشف . عن ساق " . سمعت
وقال : حدثنا الإمام أحمد سريج ، حدثنا فليج ، عن الحارث بن فضيل ، عن زياد بن سعد ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ابن مريم إماما عادلا ، وحكما مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويرجع السلم ، وتتخذ السيوف مناجل ، وتذهب حمة كل ذات حمة ، وتنزل السماء رزقها ، وتخرج الأرض بركتها ، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره ، ويراعي الغنم الذئب فلا يضرها ، ويراعي الأسد البقر فلا يضرها " . تفرد به ينزل أحمد ، وإسناده جيد قوي صالح .
وقال : حدثنا البخاري إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، [ ص: 222 ] حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، عن عن سعيد بن المسيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ابن مريم حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها " . ثم يقول والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم : واقرءوا إن شئتم : أبو هريرة وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا [ النساء : 159 ] .
وكذا رواه مسلم ، عن حسن الحلواني ، كلاهما عن وعبد بن حميد ، يعقوب بن إبراهيم به ، وأخرجاه أيضا من حديث سفيان بن عيينة ، عن والليث بن سعد ، الزهري به .
وروى أبو بكر بن مردويه ، من طريق محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن عن سعيد بن المسيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ابن مريم حكما عدلا ، يقتل الدجال ، ويقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " . قال : واقرءوا إن شئتم : أبو هريرة وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . موت عيسى ابن مريم ، ثم يعيدها ثلاث مرات أبو هريرة . يوشك أن يكون فيكم
وقال : حدثنا الإمام أحمد يزيد ، حدثنا عن [ ص: 223 ] سفيان ، وهو ابن حسين ، الزهري ، عن حنظلة ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة عيسى ابن مريم ، فيقتل الخنزير ، ويمحو الصليب ، وتجمع له الصلاة ، ويعطي المال حتى لا يقبل ، ويضع الخراج ، وينزل الروحاء ، فيحج منها أو يعتمر ، أو يجمعهما " . قال : وتلا : أبو هريرة وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا . فزعم حنظلة أن قال : يؤمن به قبل موت أبا هريرة عيسى . فلا أدري ، هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، أو شيء قاله ينزل أبو هريرة؟ .
وروى الإمام أحمد ومسلم ، من حديث الزهري ، عن حنظلة ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة عيسى ابن مريم ، من فج الروحاء بالحج والعمرة ، أو ليثنينهما جميعا " . ليهلن
وقال : حدثنا البخاري ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري ، أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبا هريرة ابن مريم وإمامكم منكم؟ " ثم قال كيف أنتم إذا نزل فيكم : تابعه البخاري عقيل . والأوزاعي
وقد رواه عن الإمام أحمد ، عبد الرزاق ، عن معمر ، وعن عثمان بن عمر ، [ ص: 224 ] عن ابن أبي ذئب ، كلاهما عن الزهري به .
وأخرجه مسلم من حديث يونس والأوزاعي عن وابن أبي ذئب ، الزهري ، به .
وقال : حدثنا الإمام أحمد عفان ، حدثنا همام ، أخبرنا قتادة ، عن عبد الرحمن ، وهو ابن آدم مولى أم برثن صاحب السقاية ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة ، بعيسى ابن مريم; لأنه لم يكن بيني وبينه نبي ، وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ، عليه ثوبان ممصران ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، ويدعو الناس إلى الإسلام ، ويهلك الله في زمانه الأمم كلها إلا الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، ثم تقع الأمنة على الأرض ، حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات ، لا تضرهم ، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ، ويصلي عليه المسلمون " . وهكذا رواه الأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ، وإني أولى الناس أبو داود ، عن هدبة بن خالد ، عن هشام بن يحيى ، عن قتادة به .
ورواه ابن جرير ، ولم يورد عند تفسيرها غيره ، عن بشر بن معاذ ، عن يزيد ، عن عن سعيد بن أبي عروبة ، قتادة بنحوه ، وهذا إسناد جيد قوي .
[ ص: 225 ] وروى عن البخاري ، أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبي هريرة ، بابن مريم ، والأنبياء أولاد علات ، ليس بيني وبينه نبي " . ثم روى عن " أنا أولى الناس محمد بن سنان ، عن فليح بن سليمان ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة ، والأنبياء إخوة لعلات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد " . ثم قال : وقال أنا أولى الناس عن إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، صفوان بن سليم ، عن عن عطاء بن يسار ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهذه طرق متعددة كالمتواترة عن أبي هريرة رضي الله عنه . أبي هريرة ،