القوام بن زبادة كاتب الإنشاء بباب الخلافة ، وهو أبو طالب يحيى بن سعيد بن هبة الله بن علي بن زبادة ، قوام الدين ، انتهت إليه رياسة الترسل [ ص: 682 ] والإنشاء والبلاغة والفصاحة في زمانه بالعراق ، وله علوم كثيرة غير ذلك من الفقه على مذهب الشافعي ، أخذه عن ابن فضلان ، وله معرفة جيدة بالأصلين والحساب واللغة وله شعر جيد ، وقد ولي عدة مناصب ، كان مشكورا في جميعها ، ومن مستجاد شعره قوله :
لا تحقرن عدوا تزدريه فكم قد أتعس الدهر جد الجد باللعب فهذه الشمس يعروها الكسوف لها
على جلالتها بالرأس والذنب
وقوله :
باضطراب الزمان ترتفع الأن ذال فيه حتى يعم البلاء
وكذا الماء راكد فإذا حرك ثارت من قعره الأقذاء
وله أيضا :
قد سلوت الدنيا ولم يسلها من علقت في آماله والأراجي
فإذا ما صرفت وجهي عنها قذفوني في بحرها العجاج
يستضيئون بي وأهلك وحدي فكأني ذبالة في سراج
توفي في هذه السنة من ذي الحجة وله ثنتان وسبعون سنة ، وحضر جنازته خلق كثير ، ودفن عند موسى بن جعفر .
القاضي أبو الحسن علي بن جابر بن زهير بن علي البطائحي .
قدم بغداد [ ص: 683 ] فتفقه بها وسمع الحديث ، وأقام برحبة مالك بن طوق مدة يشتغل على أبي عبد الله بن النبيه الفرضي ثم ولي قضاء العراق مدة ، وكان أديبا ، وقد سمع من شيخه أبي عبد الله بن النبيه ينشد لنفسه معارضا في بيتيه اللذين زعم أنهما لا يعززان بثالث لهما ، وهما قوله : للحريري
سم سمة يحمد آثارها واشكر لمن أعطى ولو سمسمه
والمكر مهما استطعت لا تأته لتقتني السؤدد والمكرمه
فقال ابن النبيه :
ما الأمة الوكعاء بين الورى أحسن من حر أتى ملأمه
فمه إذا استجديت عن قول لا فالحر لا يملأ منها فمه
الأمير عز الدين جرديك
كان من أكابر الأمراء في زمان نور الدين ، وكان ممن شرك في قتل شاور ، وحظي عند صلاح الدين ، وقد استنابه على القدس حين افتتحها ، وكان يستندبه للمهمات الكبار فيسدها بنهضته وشجاعته ، ولما ولي الأفضل عزله عن بيت المقدس ، فترك بلاد الشام وانتقل إلى الموصل فمات بها في هذه السنة