[ ص: 291 ] فصل
ولما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صبيحة ليلة الإسراء ، جاءه جبريل عند الزوال ، فبين له وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فاجتمعوا ، وصلى به كيفية الصلاة وأوقاتها ، جبريل في ذلك اليوم إلى الغد ، والمسلمون يأتمون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقتدي بجبريل ، كما جاء في الحديث عن ابن عباس وجابر ، جبريل عند البيت مرتين ، فبين له الوقتين ، فهما الأول والآخر ، وما بينهما الوقت الموسع ، ولم يذكر توسعة في وقت المغرب . وقد ثبت ذلك في حديث أمني أبي موسى وبريدة وكلها في " صحيح وعبد الله بن عمرو مسلم " وموضع بسط ذلك في كتابنا الأحكام ، ولله الحمد .
فأما ما ثبت في " صحيح " من طريق البخاري سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر . وكذا رواه الأوزاعي [ ص: 292 ] ، عن الزهري ورواه الشعبي عن مسروق عنها . وهذا مشكل من جهة أن عائشة كانت تتم الصلاة في السفر ، وكذا عثمان بن عفان وقد تكلمنا على ذلك عند قوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا [ النساء : 101 ] . قال : وقد ذهب البيهقي إلى أن صلاة الحضر أول ما فرضت أربعا ، كما ذكره مرسلا من صلاته عليه السلام صبيحة الإسراء الظهر أربعا ، والعصر أربعا ، والمغرب ثلاثا ، يجهر في الأوليين ، والعشاء أربعا يجهر في الأوليين ، والصبح ركعتين يجهر فيهما . الحسن البصري
قلت : فلعل عائشة أرادت أن الصلاة كانت قبل الإسراء تكون ركعتين ركعتين ، ثم لما فرضت الخمس فرضت حضرا على ما هي عليه ، ورخص في السفر أن يصلى ركعتين ، كما كان الأمر عليه قديما وعلى هذا لا يبقى إشكال بالكلية ، والله أعلم .