وممن توفي فيها من الأعيان :
الخطيب أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الحذاء - بطن من قضاعة ، وقيل : من إياد - الفارقي
خطيب حلب أيام ، ولهذا أكثر ديوانه الخطب الجهادية ، ولم يسبق إلى مثل ديوانه هذا ، ولا يلحق فيه - إلا أن يشاء الله - لأنه كان فصيحا بليغا ذكيا دينا ورعا . روى الشيخ سيف الدولة بن حمدان تاج الدين الكندي عنه أنه خطب يوم جمعة بخطبة المنام ، ثم رأى ليلة السبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه بين المقابر ، فلما أقبل عليه قال له : مرحبا بخطيب الخطباء . ثم أومأ إلى القبور ، فقال لابن نباتة : كيف تقول ؟ قال : فقلت : كأنهم لم يكونوا للعيون قرة ، ولم يعدوا في الأحياء مرة ، فتمم الكلام ابن نباتة ، حتى انتهى إلى قوله : يوم تكونون شهداء على الناس - وأشار إلى الصحابة - ويكون الرسول عليكم شهيدا ، وأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أحسنت أحسنت ، ادنه ادنه ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ، وتفل في فيه ، وقال : وفقك الله ، فاستيقظ ، وبه من السرور أمر كبير ، وعلى وجهه نور وبهاء ، ولم يعش بعد ذلك إلا ثمانية عشر يوما ، لم يستطعم فيها بطعام ، [ ص: 421 ] ويوجد من فيه مثل رائحة المسك حتى مات ، رحمه الله .
قال ابن الأزرق الفارقي : ولد ابن نباتة في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي في سنة أربع وسبعين وهي هذه السنة ، رحمه الله وإيانا . حكاه ابن خلكان .