فيها بغداد وخندقها . وفيها فرغ من بناء سور الصائفة العباس بن محمد ، فدخل بلاد الروم ومعه غزا الحسن بن قحطبة ومحمد بن الأشعث ، ومات محمد بن الأشعث في الطريق . وفيها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي ، وولاه المنصور على مكة والحجاز عوضا عن عمه حج بالناس عبد الصمد بن علي . وعمال الأمصار فيها هم الذين فيما قبلها .
وفيها توفي زكريا بن أبي زائدة ، وكهمس بن الحسن ، والمثنى بن الصباح ، أبو عمر الثقفي وعيسى بن عمر البصري النحوي شيخ يقال : إنه من موالي سيبويه ، خالد بن الوليد ، وإنما نزل في ثقيف ، فنسب إليهم . كان [ ص: 412 ] إماما كبيرا جليلا في اللغة والنحو والقراءات ، أخذ ذلك عن عبد الله بن كثير وابن محيصن وعبد الله بن أبي إسحاق ، وسمع وغيرهم ، وعنه الحسن البصري الخليل بن أحمد ، والأصمعي ، ولزمه وعرف به وانتفع به ، وأخذ كتابه الذي صنفه وسماه " الجامع " فزاد عليه وبسطه ، فهو " كتاب وسيبويه ، " اليوم ، وكان يسأل عما أشكل فيه عليه شيخه سيبويه الخليل بن أحمد ، وقد سأل الخليل يوما عما صنف سيبويه عيسى بن عمر فقال : جمع بضعا وسبعين كتابا ، ذهبت كلها إلا كتابه " الإكمال " ، وهو بأرض فارس وكتابه " الجامع " ، وهو الذي أشتغل فيه وأسألك عن غوامضه . فأطرق الخليل ساعة ثم أنشد :
ذهب النحو جميعا كله غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع
وهما للناس شمس وقمر
وقال غيره : كان به ضيق النفس ، فسقط بسببه ، فاعتقد الناس أنه مصروع ، فجعلوا يعوذونه ويقرءون عليه ، فلما أفاق من غشيته قال ما قال ، فقال [ ص: 413 ] بعضهم : إن جنيته تتكلم بالفارسية .
وذكر القاضي ابن خلكان أنه كان صاحبا وأن لأبي عمرو بن العلاء ، عيسى بن عمر قال يوما : أنا أفصح من لأبي عمرو بن العلاء معد بن عدنان . فقال له أبو عمرو : كيف تنشد هذا البيت :
قد كن يخبأن الوجوه تسترا فاليوم حين بدأن للنظار