وإذا تغير من تميم أمرها كنت الطبيب لها بأمر ثاقب
قال : الطب من الأضداد ، يقال لعلاج الداء طب ، وللسحر طب . ( والثالث ) : الحذق قال ابن الأنباري : كل حاذق طبيب عند الجوهري العرب قال أبو عبيد أصل الطب الحذق بالأشياء والمهارة بها . يقال للرجل طب وطبيب إذا كان كذلك ، وإن كان في غير علاج المريض وقال غيره رجل طبيب أي حاذق سمي طبيبا لحذقه وفطنته قال علقمة :فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله فليس له في ودهن نصيب
إن تغدقي دوني القناع فإنني طب بأخذ الفارس المستلئم
ألا من مبلغ حسان عني أسحر كان طبك أم جنون
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرينا
وما التيه طبي فيهمو غير أنني بغيض إلي الجاهل المتعاقل
فإن كنت مطبوبا فلا زلت هكذا وإن كنت مسحورا فلا برئ السحر
فقلت هل انهلتم بطب ركابكم بجائزة الماء التي طاب طيبها
أما فإما باستخراجه وتبطيله كما في الخبر فهو كإزالة المادة الخبيثة بالاستفراغ ، وإما بالاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر ، فإن للسحر تأثيرا عند جمهور العلماء لا مجرد خيال باطل لا حقيقة له وللمسألة وأحكام السحر والساحر مسائل مشهورة ليس هذا محلها . علاج المسحور
وقد روى أبو عبيد في الغريب بإسناده عن { عبد الرحمن بن أبي ليلى أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على رأسه بقرن حين طب } قال أبو عبيد : معنى طب سحر قال بعضهم : انتهت مادة هذا السحر إلى رأسه إلى إحدى قواه التي فيه بحيث إنه كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله .
والسحر مركب من تأثيرات الأرواح الخبيثة وانفعال القوى الطبيعية عنه وهو سحر النمريجات وهو أشد ما يكون من السحر ، فاستعمال الحجامة على المكان الذي تضرر بالسحر على ما ينبغي من أنفع المعالجة .
قال أبقراط : الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أمثل بالأشياء التي تصلح لاستفراغها .
وقال بعضهم لما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم هذا إنه عن مادة دموية أو غيرها مالت إلى جهة الدماغ وغلبت عن البطن المقدم منه فغيرت مزاجه عن طبيعته وكان استعمال الحجامة حينئذ من أنفع المعالجة وكان ذلك قبل الوحي فلما جاءه الوحي أنه سحر عدل إلى العلاج الحقيقي وهو استخراج السحر وإبطاله فدعا الله فأعلمه به فاستخرجه وكان غاية هذا السحر إنما هو في جسده وظاهر جوارحه لا على عقله وقلبه وما ورد من التخيل فهو بالبصر لا تخيل يطرق إلى العقل ولذلك لم يكن يعتقد صحة ما يميل إليه من إتيانه النساء بل يعلم أنه خيال وقد يحدث مثل هذا عن بعض الأمراض .
ومن أعظم ما يتحصن به من السحر ومن أنفع علاج له بعد وقوعه التوجه إلى الله سبحانه وتعالى وتوكل القلب والاعتماد عليه والتعوذ والدعاء وهذا هو السبب الذي لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعمل شيئا قبله بل قد [ ص: 99 ] يقال لم يصح أنه استعمل شيئا غيره ، وهو الغاية القصوى ، والنهاية العظمى ، ولهذا في الخبر أنه لم يخرجه ، وإنما دفنه لئلا يفضي ذلك إلى مفسدة وانتشارها ، لا لتوقف الشفاء والعافية عليه وهذا واضح إن شاء الله .
وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم في قلب ضعيف منفعل ونفس شهوانية كجاهل وصبي وامرأة لا في قلب متيقظ عارف بالله له معاملة وتوجه ; لأن القلب الضعيف فيه ميل وتعلق فيتسلط عليه بذلك ، فالأرواح الخبيثة تسلط عليه بميله إلى ما يناسبها وفراغه عما يعارضها ويقاومها والله أعلم .
قال بعض الأطباء : إذا صنع من قضبان الأراك خلخالا للعضد منع السحر .