قال أخبرنا الخلال : الداودي سمعت يقول : إن من شكر العلم أن يجلس مع رجل فيذاكره بشيء لا يعرفه ، فيذكر له الحرف عند ذلك فيذكر ذلك الحرف الذي سمعت من ذلك الرجل ، فيقول ما كان عندي من هذا شيء حتى سمعت فلانا يقول فيه كذا وكذا . فإذا فعلت ذلك فقد شكرت العلم ولا توهمهم أنك قلت هذا من نفسك . . أبا عبيد القاسم بن سلام
وقال ابن الجوزي : وإذا روى المحدث حديثا قد عرفه السامع ، فلا ينبغي أن يداخله فيه قال : إن الشاب ليحدثني بحديث فأستمع له كأني لم أسمعه ، ولقد سمعته قبل أن يولد ، ثم روى بإسناده عن عطاء بن أبي رباح قال : إذا رأيت محدثا يحدث حديثا قد سمعته أو يخبر بخبر قد علمته ، فلا تشاركه فيه حرصا على أن يعلم من حضرك أنك قد علمته ، فإن ذلك خفة فيك وسوء أدب . خالد بن صفوان
وروى في الأدب له عن أبو حفص العكبري قال : إني لأسمع من الرجل الحديث قد سمعته قبل أن يجتمع أبواه فأنصت له كأني لم أسمعه ، ثم روى ما تقدم عن ابن وهب ثم قال : سمعت عطاء أبا علي الحسن بن عبد الله جليس أبي أحمد الفقيه البغدادي يقول : يروى عن أنه قال : وتراه يعجب من حديث ولعلة أدرى به ، وروى ما تقدم عن سفيان الثوري وروى ذلك خالد بن صفوان . ابن بطة
قال ابن الجوزي : ومتى أشكل شيء من الحديث على الطالب صبر حتى ينتهي الحديث ، ثم يستفهم الشيخ بأدب ولطف ولا يقطع عليه في وسط الحديث قال : وفي أصحاب الحديث من ينزل جزءا في جزء ويوهم الشيخ أنه جزء واحد ، ومثل هذه الأفعال لا يجوز اعتمادها .
وروى عن [ ص: 171 ] ابن بطة إبراهيم بن الجنيد قال حكيم لابنه : تعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن الكلام ، فإن حسن الاستماع إمهالك للمتكلم حتى يفضي إليك بحديثه ، والإقبال بالوجه والنظر ، وترك المشاركة له في حديث أنت تعرفه وأنشد :
ولا تشارك في الحديث أهله وإن عرفت فرعه وأصله
وروي أيضا عن قال قالت الحكماء : من الأخلاق السيئة على كل حال مغالبة الرجل على كلامه ، والاعتراض فيه لقطع حديثه ، وروي أيضا عن الهيثم بن عدي قال مجاهد لقمان لابنه : إياك إذا سئل غيرك أن تكون أنت المجيب كأنك أصبت غنيمة أو ظفرت بعطية ، فإنك إن فعلت ذلك أزريت بالمسئول ، وعنفت السائل ، ودللت السفهاء على سفاهة حلمك وسوء أدبك ، يا بني ليشتد حرصك على الثناء من الأكفاء ، والأدب النافع ، والإخوان الصالحين قال كنت عند ابن بطة : فسئل عن مسألة فبادرت أنا فأجبت السائل ، فالتفت إلي فقال لي : تعرف الفضوليات المنتقبات يعني : أنت فضولي فأخجلني . وذكر ذلك أيضا أبي عمر الزاهد أبو جعفر العكبري في الآداب له .