[ ص: 33 ] فصل ( في ) . طلب العلم وما يبدأ به منه وما هو فريضة منه ، وفضل أهله
قال : سألت الميموني أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث قال : لا بالقرآن قلت : أعلمه كله قال : إلا أن يعسر فتعلمه منه . ثم قال لي : إذا قرأ أولا تعود القراءة ثم لزمها وعلى هذا أتباع الإمام أبا عبد الله إلى زمننا هذا . أحمد
وسيأتي قريبا قول إن العلم يقدم على نفل القرآن وهذا متعين إذا كان مكلفا لأنه فرض فيقدم على النفل وكلام ابن المبارك والله أعلم إنما هو في الصغير كما هو ظاهر السياق والذي سأل أحمد كان رجلا فلا تعارض ، وأما الصغير فيقدم حفظ القرآن لما ذكره ابن المبارك من المعنى . ولأنه عبادة يمكن إدراكها والفراغ منها في الصغر غالبا ، والعلم عبادة العمر لا يفرغ منه فيجمع بينهما حسب الإمكان ، وهذا واضح وقد يحتمل أن يكون العلم أولى لمسيس الحاجة إليه لصعوبته وقلة من يعتني به بخلاف القرآن ولهذا يقصر في العلم من يجب عليه طلبه ولا يقصر في حفظ القرآن حتى يشتغل بحفظه من يجب عليه الاشتغال في العلم كما هو معلوم في العرف والعادة . أحمد
وقال ابن هانئ : ما معنى لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار قال : " هذا يرجى لمن القرآن في قلبه أن لا تمسه النار " في إهاب يعني في قلب رجل وقال : أيضا في جلد وقال لأحمد إسماعيل الشالنجي عن قال : أبي عبد الله ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه ، وأقل ما يجب على الرجل من تعلم القرآن فاتحة الكتاب وسورتان كذا وجدته ، ولعله وسورة ، وإلا فلا أدري ما وجهه ؟ مع أنه إنما يجب حفظه ما بلغ أن يجزئه في صلاته وهو الفاتحة خاصة في الأشهر عن والذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم والمسألة معروفة في الفقه . أحمد
وقد قال في الإجماع قبل [ ص: 34 ] السبق والرمي : اتفقوا أن حفظ شيء من القرآن واجب ولم يتفقوا على ما هية ذلك الشيء ولا كميته بما يمكن ضبط إجماع فيه إلا أنهم اتفقوا على أنه من حفظ أم القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم وسورة أخرى معها فقد أدى فرض الحفظ ، وأنه لا يلزمه أكثر من ذلك . ابن حزم
واتفقوا على استحباب حفظ جميعه وأن ضبط جميعه واجب على الكفاية لا متعين .
وروى عنه أنه سئل عن رجل حفظ القرآن وهو يكتب الحديث يختلف إلى مسجد يقرأ ويقرئ ويفوته الحديث أن يطلبه فإن طلب الحديث فاته المسجد وإن قصد المسجد فاته الحديث فما تأمره قال : بذا وبذا فأعدت عليه القول مرارا كل ذلك يجيبني جوابا واحدا بذا وبذا . الخلال
وسأل رجل يا ابن المبارك في أي شيء أجعل فضل يومي في تعلم القرآن أو في تعلم العلم ؟ فقال هل تحسن من القرآن ما تقوم به صلاتك : قال نعم قال : عليك بالعلم . أبا عبد الرحمن
وقال في رواية أحمد وقيل له طلب العلم فريضة قال نعم لأمر دينك وما تحتاج إليه من أن ينبغي أن تعلمه وقال في رواية أحمد بن الحسين أبي الحارث : يجب عليه أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه ولا يفرط في ذلك قلت : فكل العلم يقوم به دينه قال : الفرض الذي يجب عليه في نفسه لا بد له من طلبه .
قلت : مثل أي شيء قال الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه ونحو ذلك وقال عبد الله سألت أبي عن الرجل يجب عليه طلب العلم قال أما ما يقيم به دينه من الصلاة والزكاة وذكر شرائع الإسلام فقال : ينبغي أن يتعلم ذلك .
وقال ابن منصور تذاكر بعض ليلة أحب إليك من إحيائها قال : العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم قلت الصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا قال نعم قال لأبي عبد الله ابن منصور : قال لي : { إسحاق بن راهويه } لم يصح الخبر فيه إلا أن معناه قائم يلزمه طلب ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إذا وقعت فلا حاجة للوالدين في ذلك . طلب العلم واجب
وأما من خرج يبتغي علما [ ص: 35 ] فلا بد له من الخروج بإذن الأبوين لأنه فضيلة فالنوافل لا تبتغي إلا بإذن الآباء وقال المروذي الرجل يطلب العلم ويستأذن والدته فتأذن له وهو يعلم أن المقام أحب إليها قال : إذا كان جاهلا لا يدري كيف يطلق ولا يصلى فطلب العلم أحب إلي . وإن كان قد عرف فالمقام عليها أحب إلي . لأبي عبد الله
وروى عنه أن رجلا سأله : إني أطلب العلم وإن أمي تمنعني من ذلك تريد حتى أشتغل في التجارة ، قال لي دارها وأرضها ولا تدع الطلب وقال له رجل غريب عن بلده طلب العلم أحب إليك أم أرجع إلى أمي ؟ فقال له إذا كان طلب العلم مما لا بد أن تطلبه فلا بأس ، وسأله رجل قدمت الساعة وليس أدري شيئا ما تأمرني ؟ فقال الخلال : عليك بالعلم وقال أبو عبد الله إسحاق بن إبراهيم : سألت عن الرجل يكون له أبوان موسران يريد طلب الحديث ولا يأذنان له قال : يطلب منه بقدر ما ينفعه ، العلم لا يعدله شيء . أبا عبد الله
وفي الصحيحين عن مرفوعا { معاوية } وعن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين مرفوعا { عمر } وعن إن الله يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين مرفوعا { أبي هريرة } رواهما من سلك طريقا يبتغي به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة . مسلم
وقال : إن أحدكم لم يولد عالما وإنما العلم بالتعلم وقال أيضا : اغد عالما ، أو متعلما ولا تغد إمعة بين ذلك وقال أيضا : اغد عالما أو متعلما ، أو مستمعا ولا تكن الرابع فتهلك وقال ابن مسعود حماد بن حميد عن الحسن قال كن عالما أو متعلما أو محبا ، أو متبعا ولا تكن الخامس فتهلك قال أبو الدرداء الحسن هو المبتدع قال وروي مثله عن البيهقي وروي مرفوعا وهو ضعيف ، وقال ابن مسعود : العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم . أبو الدرداء
وقال عن الثوري عن الأعمش أبي وائل عن تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه . ابن مسعود
وقال عن عبد الرزاق أيوب عن [ ص: 36 ] عن أبي قلابة عليكم بالعلم قبل أن يقبض . وقبضه ذهاب أهله ، وعليكم بالعلم وإياكم والتنطع والتعمق ، وعليكم بالعتق فإنه سيجيء أقوام يتلون كتاب الله وينبذونه وراء ظهورهم . ابن مسعود
وقال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنما مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا رآها الناس اقتدوا بها ، وإذا عميت عليهم تحيروا } وعن أبي أمامة مرفوعا { } رواه فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير الترمذي وقال : صحيح غريب . وعن مرفوعا { أبي الدرداء } رواه إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر أبو داود والترمذي بنحوه . وابن ماجه
وأما ما يذكره بعض الناس " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل " فلم أجد له أصلا ولا ذكر له في الكتب المشهورة المعروفة ولا يصح .
وروى عن الخلال رضي الله عنه قال : قال " طلب العلم فريضة " وروى أنس ابن شاهين ثنا سليمان الأشعث ثنا حفص بن مسافر الشيشي ثنا ثنا يحيى بن حسان سليمان بن قرم عن ثابت عن رضي الله عنه عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنس } كلهم ثقات إلا طلب العلم فريضة على كل مسلم سليمان فإنه مختلف فيه قال لا أرى به بأسا لكنه يفرط في التشيع وضعفه أحمد ابن معين وقال أبو زرعة : ليس بذاك وقال أبو حاتم : ليس بالمتين وقال : ليس بالقوي وقال النسائي ابن عدي أحاديثه حسان .
ورواه حسان ابن سارة عن ثابت لكن حسان ضعيف قال ابن شاهين وهذا حديث غريب من أصح حديث في هذا الباب .
ورواه من رواية ابن ماجه حفص بن سليمان القارئ وهو متروك عندهم وفيه { } . وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر والذهب
وقال : هذا حديث يروى [ ص: 37 ] عن ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة كلها معلولة لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد . أنس