[ ص: 455 ] فصل فيما يجوز من التمائم والتعاويذ والكتابة للمرض واللدغ والعين ونحوه )
تكره كذا قيل تكره ، والصواب ما يأتي من تحريمه لمن لم يرق عليه قرآن أو ذكر أو دعاء وإلا احتمل وجهين ، ويأتي أن الجواز قول القاضي وأن المنع ظاهر الخبر والأثر وهو معنى قول التمائم ونحوها رحمه الله . مالك
وتباح قلادة فيها قرآن أو ذكر غيره وتعليق ما هما فيه نص عليه ، وكذا التعاويذ ، ويجوز أن يكتب القرآن أو ذكر غيره في إناء خال بالعربي ثم يسقى منه المريض والمطلقة ، وأن يكتب للحمى والنملة والعقرب والحية والصداع والعين ما يجوز ، ويرقى من ذلك بقرآن وما ورد فيه من دعاء وذكر ويكره بغير العربية ، وتحرم الرقى والتعوذ بطلسم وعزيمة .
قال في الفنون قال ابن عقيل وهو صاحب الزيج المأموني لو صح الكيمياء ما احتجنا إلى الخراج : ولو صح الطلسم ما احتجنا إلى الأجناد والحرس ، ولو صحت النجوم ما احتجنا إلى البريد . المأمون
قال المروذي شكت امرأة إلى أنها مستوحشة في بيت وحدها فكتب لها رقعة بخطه بسم الله ، وفاتحة الكتاب والمعوذتين وآية الكرسي وقال كتب أبي عبد الله من الحمى بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله أبو عبد الله ومحمد رسول الله : [ ص: 456 ] { يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين } اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحق آمين .
وروى أن أحمد يونس بن حباب كان يكتب هذا من حمى الربع قال في رواية منها في أحمد قال لا بأس قال منها قلت له فيغتسل به قال ما سمعت فيه بشيء . الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه للمريض
قال إنما كره الغسل به لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع والحشوش فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء . الخلال
وقال صالح ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي اشرب منه واغسل وجهك ويديك . ونقل عبد الله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ويصب على نفسه منه قال عبد الله ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم فيستشفي به ويمسح به يديه ووجهه .
وقال إن يوسف بن موسى كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ . أبا عبد الله
قال يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولدها في جام أبيض أو شيء نظيف بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين [ ص: 457 ] { أحمد كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ } { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } ثم تسقى منه وينضح ما بقي على صدرها .
وروى هذا الكلام عن أحمد ورفعه ابن عباس في عمل يوم وليلة . ابن السني
وروى ابن مروان في المجالسة عن رضي الله عنهما أن ابن عباس عيسى مر ببقرة قد اعترض ولدها في بطنها فقالت يا روح الله ادع الله أن يخلصني . فقال اللهم يا مخرج النفس ويا خالق النفس من النفس خلصها فخلصت قال فمن قاله على امرأة خلصها الله تعالى ، وكان ابن عباس الشيخ تقي الدين رحمه الله يكتب على جبهة الراعف : { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر } قال ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال فإن الدم نجس فلا يجوز أن يكتب به كلام الله .
ويكره التفل بالريق والنفخ بلا ريق وقيل في كراهة النفث في الرقية وإباحته مع الريق وعدمه روايتان . وذكر السامري أن رحمه الله كره التفل في الرقى وإنه لا بأس بالنفخ قال أحمد ابن منصور يكره التفل في الرقية قال أليس يقال إذا رقى نفخ ولم يتفل ؟ قال لأبي عبد الله كما قال . [ ص: 458 ] إسحاق بن راهويه
وجزم بعض متأخري الأصحاب باستحباب النفخ والتفل ; لأنه إذا قويت كيفية نفس الراقي كانت الرقية أتم تأثيرا وأقوى فعلا ولهذا تستعين به الروح الطيبة والخبيثة فيفعله المؤمن والساحر ، وفي شرح أن الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم استحبوا النفث قال مسلم وكان القاضي عياض ينفث إذا رقى نفسه وكان يكره الرقية بالحديد والملح والذي يكتب خاتم مالك سليمان . والعقد عندنا أشد كراهة لما فيه من مشابهة السحر انتهى كلامه .