يسن أن يسلم الصغير على الكبير . والماشي على الجالس ، ويسلم الراكب عليهما ، لخبر رضي الله عنه في ذلك هو متفق عليه خلا ذكر الصغير على الكبير فإنه انفرد به أبي هريرة . وذكر صاحب النظم ذلك كما ذكره الأصحاب ثم قال : وإن سلم المأمور بالرد منهم فقد حصل المسنون إذ هو مبتدئ ، وظاهر هذا صريحه أنه إذا بدأ بالسلام من قلنا يبدأ غيره أنه تحصل السنة بسلامه ويكون مبتدئا ، وهذا خلاف ظاهر كلامه السابق وكلام الأصحاب والأخبار . ويكون فهم من كلام الأصحاب والأخبار أن ذلك كمال السنة وأفضلها . البخاري
وهذا يقتضي أن غيره سنة مفضولة بالنسبة لاشتراكهما في الأمر بإفشاء السلام وامتياز أحدهما وهذا محتمل ، وقد قال في شرح عما جاء في الأخبار للاستحباب قال ولو عكسوا جاز وكان خلاف الأفضل قال : وقد يكون مراده أنه يأتي بالجواب بصيغة الابتداء كما تأتي المسألة . لكن فكيف يقول حصل المسنون وإنما حصل المفروض ؟ ويقول إذ هو مبتدئ إنما يكون مجيبا ، والله أعلم . مسلم
قال ابن هبيرة : إن سلم على رجل فقد أمنه ، فالفارس أقوى من الراجل فأمر عليه السلام بسلام الأقوى على الأضعف ، وسلام القليل على الكثير أقل حرجا : السلام عليك يا فلان أو سلم الغائب عن البلد برسالته أو كتابه وجبت الإجابة عند البلاغ عندنا وعند الشافعية لأن تحية الغائب كذلك . ولو سلم الغائب عن العين من وراء جدار أو ستر
ويستحب أن يسلم على الرسول قيل إن فلانا يقرئك السلام قال عليك وعليه السلام وقال في موضع آخر ، وعليك وعليه السلام وقال وكذلك روي عن { لأحمد } [ ص: 371 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل أبي يقرئك السلام قال : عليك وعلى أبيك السلام
وقال : أخبرني الخلال يوسف بن أبي موسى قيل إن فلانا يقرئك السلام قال سلم الله عليك وعليه . وهو معنى ما سبق عندنا ولهذا يجب رد السلام وقال لأبي عبد الله قال رجل ابن عبد البر فلان يقرئك السلام ، فقال هدية حسنة ومحمل خفيف . لأبي ذر
قال الشافعية : ويستحب ويجب على الرسول تبليغه ، وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة وإلا فلا يجب . بعث السلام
وفي الصحيحين عن رضي الله عنها ، قالت : { عائشة هذا عائش جبريل يقرأ عليك السلام فقالت : وعليه السلام ورحمة الله } . زاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا في رواية : وبركاته زاد البخاري : جزاه الله خيرا من صاحب ودخيل فنعم الصاحب ونعم الدخيل . أحمد
فيه دليل على أنه لا يجب الرد على مبلغ السلام وهو الرسول . وفيه ترخيم المنادى ويجوز فتح آخره وهو الشين هنا وضعه . ومعنى " يقرأ عليك السلام " يسلم عليك قال في شرح وفيه مسلم إذا لم يخف ترتب مفسدة . بعث الأجنبي السلام إلى الأجنبية الصالحة
وعن { أبي هريرة جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فقال يا رسول الله هذه خديجة معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب } متفق عليه . قال أتى
ولأحمد " فاقرأ عليها السلام من ربها ومني " ، وليس في الحديث سوى هذا وكأنه اختصر إبلاغه لها ذلك وردها الجواب مع أني لم أجد من صرح بوجوب رد سلام الملك ووجوب الرد منه ، وليس رد سلام الله تعالى كرد سلام ومسلم جبريل عليه السلام . ولهذا لما كانوا يقولون في الصلاة قبل الأمر بالتشهد : السلام على الله قبل عباده ، السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، السلام على فلان وفلان ، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله } الحديث رواه أحمد وأبو داود [ ص: 372 ] وابن ماجه من حديث والدارقطني فنهى عليه السلام عن السلام على الله لأن الله هو السلام ولم ينه عن السلام على غيره . ابن مسعود
وأظن أن في غريب ما روي أن خديجة رضي الله عنها لما قيل لها قالت : الله السلام ومنه السلام ، وهذا كما في الخبر الصحيح المشهور أنه عليه السلام كان يقول : { } . اللهم أنت السلام ومنك السلام
وقال في قرأ وفيه " أن الرب عز وجل يقرئك السلام " يقال أقرئ فلانا السلام واقرأ عليه السلام ، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده . هذا لفظ النهاية في فصل القاف مع الراء وإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول أقرأني فلان أي حملني على أن أقرأ عليه ، وقد تكرر في الحديث انتهى كلامه . ابن الأثير
وعن قال : { ابن عباس } رواه أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما عندي ما أحجك عليه ، فقالت : أحجني على جملك فلان قال : ذلك حبيس في سبيل الله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله ، وإنها سألتني الحج معك . فقالت : أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ما عندي ما أحجك عليه . قالت : أحجني على جملك فلان . فقلت : ذلك حبيس في سبيل الله . فقال : أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل الله . وإنما أمرتني ما تعدل حجة معك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة يعني عمرة في رمضان أبو داود .
ويسلم من انصرف بحضرة أحد أو أتى أهله أو غيرهم أو دخل بيتا مسكونا له أو لغيره أو خرج منه أو لقي صبيا أو رجلا وإن لم يعرفه . وقد سبق بعض ذلك للأخبار في ذلك ، منها ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم من حديث { عبد الله بن عمرو } . أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من [ ص: 373 ] عرفت ومن لم تعرف
وكان يدخل إلى السوق فلا يمر بأحد إلا سلم عليه . فقال له ابن عمر الطفيل بن أبي بن كعب ما تصنع في السوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق ؟ فقال يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن إنما نغدو من أجل السلام ونسلم على من لقينا رواه في الموطأ ، ويأتي بالقرب من نصف الكتاب قول مالك إن من التواضع أن تسلم على من لقيت . ابن مسعود
عن ولمسلم مرفوعا { أبي هريرة } ولعل المراد من السلام على من عرفه ومن لم يعرف أنه يكثر منه ويفشيه ويشيعه ، لا أنه يسلم على كل من رآه ، فإن هذا في السوق ونحوه يستهجن عادة وعرفا . ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بمثل هذه المحافظة والمواظبة عليه لشاع وتواتر ونقله الجم الغفير خلفا عن سلف والله أعلم . والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم
روى عن ابن ماجه مرفوعا { عائشة اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين } وقال الشاعر : ما حسدتكم
قد يمكث الناس دهرا ليس بينهم ود فيزرعه التسليم واللطف
وعن قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { أنس } رواه يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك الترمذي وقال حسن غريب وقال ابن حمدان : إن رده البالغ ولم يكف رد الصبي ، وكذا في شرح الهداية سلم بالغ على بالغ وصبي لأبي المعالي بناء على أن فرض الكفاية لا يحصل به ، ويتوجه ، يخرج من الاكتفاء بأذانه وصلاته على الجنازة قال : أبو المعالي لا يستحق جوابا لعدم أهليته للجواب والأمر به ، كذا قال ويتوجه أن يستحق الجواب ، ويرده الصبي لكنه لا يجب عليه ، وسبق كلامهم أنه يسلم عليه ، وكيف يشرع السلام على من [ ص: 374 ] لا يرده ؟ وكيف يجب رد سلام من ليس أهلا لرده ؟ ولعل مراد والسلام على الصبي لا يستحق جوابا على طريق الوجوب لأنه ليس من أهله . أبي المعاليوقد قال : فإن أبو المعالي فوجهان في وجوب الرد مخرجان من صحة إسلامه وعلى هذا فالمراد من قولهم يسلم على الصبي أي المميز ، وإلا فلا يسلم على من لا عقل له ولا تمييز كالمجنون لأن إذا لم يشرع السلام على من لا يشرع منه الرد لعارض فهنا مثله وأولى ، ويتوجه على كلام سلم صبي على بالغين يشرع ويرد عليه المجنون وقد يلتزمه لأنه دعاء ، ومن سلم على جماعة في دخوله أعاده في خروجه ، وهو قول الشافعية ، وقطع به أبي المعالي ، وهو معنى كلام ابن عقيل القاضي وغيرهما وقد تقدم نص والشيخ عبد القادر ، قال أحمد والدخول آكد استحبابا . ابن عقيل
وقد روى أبو داود عن موقوفا ومرفوعا وإسناده جيد { أبي هريرة } وكلامه في الرعاية في هذه المسألة فيه نظر وحاصله أنه تقدم أنه لا يعيد السلام ثانيا وقيل : بلى ، ومن دخل بيتا خاليا سلم على نفسه وعلى الملائكة ورد هو السلام على نفسه ولم يذكر غيره ويعايا ، بهذه المسألة أن المسلم هو يرد السلام ويتوجه منه تخريج فيمن عطس وليس بحضرته أحد أنه يرد على نفسه كما يأتي ، وظاهر كلام بعضهم أنه إذا دخل بيتا مسكونا يسلم لا خاليا ، واختاره إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ابن العربي المالكي .
وروى سعيد بإسناد جيد عن عن نافع كان إذا دخل بيتا ليس فيه أحد قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولم يرد ابن عمر السلام على نفسه وقال ابن عمر في شرح الهدية : إذا دخل بيتا خاليا أو مسجدا خاليا فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، لقوله تعالى : { الشيخ وجيه الدين فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم } .
كذا قال وقال ابن الجوزي في الآية أقوال قيل : بيوت أنفسكم فسلموا على أهاليكم وعيالكم ، وقيل المساجد فسلموا على من فيها ، وقيل [ ص: 375 ] المعنى إذا دخلتم بيوت غيركم فسلموا عليهم وقال كقول من قال من المالكية والشافعية ، وذكر الشيخ وجيه الدين القرطبي في تفسير الآية عن ابن عباس وجابر . وعطاء
وإن دخل على جماعة فيهم علماء سلم على الكل ثم سلم على العلماء سلاما ثانيا ، ذكره ابن تميم وابن حمدان وظاهر كلام بعضهم خلافه ويتوجه كما ذكر القريب والصالح ونحوهما .
ويجوز على الأحياء والأموات نص عليه وقدمه في الرعاية وغيرها وقيل تنكيره أفضل وقال تعريف السلام بالألف واللام ، وتنكيره ابن البناء سلام التحية منكر وسلام الوداع معرف وقال سلام الأحياء منكر وسلام الأموات معرف ، كذلك روي عن ابن عقيل عائشة رضي الله عنها . وقيل عكسه ، أما سلام الرد فمعرف وجعله صاحب النظم أصلا في المسألة فدل أن تعريفه للاستحباب وهو واضح .
وعن أبي جري الهجيمي قال : { } إسناده جيد رواه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت عليك السلام يا رسول الله قال : لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى أبو داود وترجم عليه باب كراهية أن يقول : عليك السلام .
ورواه الترمذي وقال حسن صحيح وقال بعض الشافعية يكره أن يبتدئ بهذا قال بعضهم ويجب الرد لأنه سلام .
وقد روى أبو داود في الخبر المذكور { } ثم رد على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " وعليك ورحمة الله " فهذا من كلام إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل السلام عليكم ورحمة الله أبي داود وهو من أصحابنا يدل على كراهة الابتداء به ، ويجاب لكن لا على الوجوب لعدم دليله لأنها ليست بتحية شرعية ، وردها النبي صلى الله عليه وسلم ليبين أنه لا يكره الرد ، أو استحبابا لكن في حق من لا يعرف لا مطلقا ، ويأتي في الفصل بعده كلام قال أبي المعالي : إنما قال ذلك إشارة منه إلى ما جرت به عادة أبو البركات العرب بينهم في [ ص: 376 ] تحية الأموات إنهم كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور كثير في أشعارهم كقول الشاعر :
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
قال في النهاية وإنما فعلوا ذلك لأن المسلم على القوم يتوقع الجواب وأن يقال له عليك السلام ، فلما كان الميت لا يتوقع منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب . وقيل أراد بالموتى كفار الجاهلية قال وهذا في الدعاء بالخير والمدح فأما في الشر والذم فيقدم الضمير كقوله تعالى : { وإن عليك لعنتي } .
وقوله { عليهم دائرة السوء } وفي الصحيح أن مر عبد الله بن عمر وهو بعبد الله بن الزبير بعقبة بمكة وهو مقتول فقال : السلام عليك أبا خبيب وكرره ثلاثا قال في شرح فيه استحباب مسلم ثلاثا كما كرره السلام على الميت في قبره ، انتهى كلامه . ابن عمر
لم يذكر أصحابنا هذا السلام في حق الميت ، بل ذكروا كما في الأخبار ولا شك أنها أولى ولم يذكروا أيضا تكراره ولعل هذا رأي رضي الله عنهما مع أنه قد ورد تكراره في لعبد الله بن عمر المهاجرين وقد تقدم .
عن { وللبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في حاجة ، قال : فأتيته فسلمت عليه فلم يرد علي فوقع في قلبي ما الله أعلم به فقلت في نفسي لعله وجد علي أن أبطأت عليه ، ثم سلمت عليه فلم يرد علي فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى ، ثم سلمت عليه فرد علي وقال : إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي وكان على راحلته متوجها إلى غير القبلة جابر } .
{ ولمسلم } ، وفي هذا الخبر وغيره أنه يستحب لمن أنه أومأ بيده أن يعتذر إلى المسلم ( ويذكر ) المانع له ، وكذا نظائره . منعه من رد السلام مانع
[ ص: 377 ] وروى سعيد : حدثنا أبو شهاب عن عن الأعمش عن زيد بن وهب قال : " إن السلام اسم من أسماء الله وضع في الأرض فأفشوه بينكم فإن العبد إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة أن ذكرهم السلام ، وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب " . عبد الله بن مسعود
وقال أبو داود ( باب في فضل من بدأ بالسلام ) حدثنا حدثنا محمد بن يحيى الذهلي عن أبو عاصم أبي خالد وهب عن عن أبي سفيان الحمصي أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } حديث جيد إن أولى الناس من بدأهم بالسلام وأبو عاصم الضحاك بن مخلد وأبو خالد وهب بن خالد . وأبو سفيان محمد بن زياد الألهاني
ورواه الترمذي من طرق ضعيفة وحسنه ورواه . أحمد