فصل
ولو فلم تنبت، فالمنقول عن اكترى أرضا للزرع فزرعها، ثم أصابها غرق أو آفة من غير الشرب، أنه يلزمه الكرى، بخلاف ما لو غرقت في وقت زرعها، فلم يمكنه الزراعة، فإنه لا يلزمه الأجرة، لتعذر التسليم، وهكذا نقل عن مالك. أحمد
وقد فرق الأصحاب بين هذه الصورة وبين صورة انقطاع الماء بأنه هناك تعطلت المنفعة المستحقه بالعقد، وهنا تلف مال المستأجر، فأشبه ما فإن المؤجر لا يضمن ما تلف للمستأجر في العين المؤجرة، كما لو سرق ماله الذي على الدابة المكتراة. لو تلف ماله في الدار المؤجرة،
ولم أقف بعد على لفظ في هذه المسألة، وقياس نصوصه وأصوله بل وأصول غيره: أنه إذا أحمد كما إذا تعطلت بالانهدام وانقطاع الماء والموت، فإنه إذا أصاب الأرض غرق تعذر معه نبات الأرض فقد تعطل نفعها، وكذلك لو أصابها حريق أو ركبها جراد يمتنع معه نبات الزرع فقد تعطل نفعها، كما تعطل بغير ذلك، ولكن لا يضمن المؤجر [ ص: 238 ] الزرع التالف، أصابت العين آفة عطلت منفعتها انفسخت الإجارة فيما بقي، لأن المؤجر لم يبعه الزرع، وإنما باعه منفعته. ولا توضع الجائحة عن المستأجر فيما تلف من زرعه، كما توضع عن المشتري،
ونظير هذا لو انهدمت الدار، وتلف ما فيها من متاع المستأجر، فإن المؤجر وإن لم يضمن متاعه فإنه لا أجرة له من حين تعطلت المنفعة، وكذلك لو تلفت الحمولة وما عليها بأمر سماوي، فإنه لا يضمن المؤجر ما عليها، ولكن تبطل الإجارة من حينئذ، فكذلك ولم تبطل الإجارة إذا تعطلت المنفعة، والمنفعة المقصودة ليست مجرد وضع البذر فيها، بل المقصود أن ينبت الزرع فيها ويكمل نباته إلى حين الحصاد، وإذا نبت وغرقت الأرض فهو كما إذا نبت وانقطع الماء، وهو في انقطاع الماء لا يضمن زرع المستأجر، كذلك في الغرق. وهذا بخلاف ما إذا باعه ثمرة على البائع سقيها، فإنه هنا إذا تلفت بالعطش كانت من ضمان البائع، بل وكذلك إذا تلفت بغير العطش، لأن البائع باعه ثمرة، فتلف الثمرة كتلف المنفعة. وأما تلف الزرع الثابت للمستأجر فهو كتلف متاع المستأجر الذي في الدار، فأين هذا من هذا؟ الأرض إذا أصابتها آفة سماوية أفسدت الزرع وعطلت المنفعة لم يكن على المؤجر ضمان الزرع،
فمن قال: إن المؤجر لا يضمن الزرع فقد أصاب، ومن قال: إنه لا يجب على المستأجر أجرة المنفعة المتعطلة فقد أخطأ.