[ ص: 137 ] فصلان
في الإنذار ولوازمه
والخوف والرجاء والشفاعة [ ص: 138 ] فصل
وإذا كان الإنذار لا بد فيه من شيئين:
* الإعلام بالمخوف.
* والإعلام بسبيل النجاة منه.
فمعلوم أن الأول هو الوعيد، وهو مستلزم للوعد الصريح أو اللازم وهو التبشير. والثاني هو الأمر والنهي; لأن النجاة من العذاب بأداء الواجبات وترك المحرمات.
فصارت هذه الأصول الأربعة: الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، لازمة لا بد منها في الإنذار الذي لا بد منه لبني آدم، وبذلك بعث الله الرسل جميعهم.
ولكن الأمر والنهي لا بد للناس من معرفته مفصلا; إذ قد يحتاج إلى العمل، والعمل لا يكون إلا مفصلا، لكن إنما يحتاج إلى معرفة التفصيل فيما يجب عليه، وأما ما يجب مطلقا فيكفي فيه العلم المجمل.
ولكن لا بد أن يكون في الأمة من يدعو إلى الخير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما أوجب الله ذلك، وهذا لا يكون إلا إذا علموا ما يدعون إليه ويأمرون به وينهون عنه مفصلا; إذ المجمل لا يكفي عند الحاجة إلى الامتثال.
ولهذا اتفق العلماء على أنه لا يجوز [ ص: 140 ] وإنما تنازعوا في تأخيره من حين الخطاب إلى حين الحاجة. تأخير البيان عن وقت الحاجة،
وأما العلم بالوعد والوعيد فقد يكفي فيه المجمل; فإنه إذا علم أن هذا الفعل يكون سببا للعذاب حصل ذلك، فأما العلم بالوجوب والتحريم بدون الإيمان بأن المعصية سبب العذاب فلا يحصل النجاة، وهذا الأصل هو من الإيمان بالوعد والوعيد، كما أن الأول من الإيمان بالأمر والنهي.