[ ص: 296 ] فصل
والذي يصنع من الأصناف الأربعة إن خرج عن كونه قوتا كالنشا ونحوه لم يكن من الربويات ، وإن كان قوتا كان جنسا قائما بنفسه ، فلم يحرم ، فإن هذه الصنعة لها قيمة ، فلا تضيع على صاحبها كالحلية ، ولم يحرم بيع بعض ذلك ببعض لا نص ولا إجماع ولا قياس ، بل هذه الأجناس المختلفة يباع بعضها ببعض متفاضلا . بيع الخبز بالهريسة ، ولا بيع الناطف بالحب
والنزاع في مسألة مشهور ، وحديثه من مراسيل بيع اللحم بالحيوان ، وهو -إذا ثبت- فيما إذا كان الحيوان مقصودا للحم ، كشاة يريدون ذبحها يبيعونها بلحم ، يكون قد باعوا لحما بلحم أكثر منه من جنس واحد ، واللحم قوت مطعوم يوزن ، فما كان مثله ألحق به . سعيد بن المسيب
ولا يلزم إذا حرم البيع لما فيه من الضرر أن يحرم ذلك في الاستيفاء ، مع أنه منفعة بلا ضرر . مثال ذلك مسألة «عجل لي وأضع عنك » ، مثل أن يكون له عند رجل مائة درهم مؤجلة ، فيقول له : . فقد قيل : إن هذا لا يجوز ، لأنه بيع مائة مؤجلة بتسعين حالة . وقيل : يجوز كما نقل عن عجل لي تسعين وأضع عنك عشرة وغيره ، ورواية عن ابن عباس . وهذا أقوى ، فإنه روي أحمد . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن في ذلك [ ص: 297 ] لما أراد إجلاء يهود ، فقالوا : لنا ديون على الناس ، فقال : «ضعوا عنهم ، وليعجلوا لكم ذلك »
وذلك أنه هناك حرم لما فيه من ضرر المحتاج ، وهو الذي يأخذ التسعين ، فإنه يأخذها ، ويبقى عليه مئة ، فيتضرر ببقاء الزيادة في ذمته ، وهنا المئة له فهو غني ، وهو يضع منها عشرة عن المدين ، والمدين هو المحتاج في العادة ، ففي هذا رفق بالمدين بالوضع عنه ، وفيه منفعة للآخذ لحاجته إلى التعجيل ، والآخذ هنا هو صاحب المئة ، فكأنه استأجر من المئة بعشرة دراهم من عجلها له ، بخلاف ما إذا بقيت المائة في ذمة المحتاج .
فيجب أن يفرق بين العوض الساقط من الذمة والعوض الواجب في الذمة ، فالعوض هنا ساقط من ذمة المدين لا واجب في ذمته .
ومما يشبه ذلك أنه روي حديث أنه نهى عن ، أي المؤخر بالمؤخر . وإسناده ضعيف ، لكن العمل عليه ، مثل أنه يسلم مئة مؤجلة في غرارة قمح ، فلا هذا قبض شيئا ولا هذا قبض شيئا ، بل اشتغلت ذمة كل منهما بما عليه من غير منفعة ، والمقصود هنا بالبيع [ ص: 298 ] قبض المبيع . بيع الكالئ بالكالئ