1 - ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن وما قبله التحريك للكل وصلا 2 - وما قبله التسكين لابن كثيرهم
وفيه مهانا معه حفص أخو ولا
[ ص: 68 ] هي: الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكر الغائب، وتسمى هاء الضمير، فخرج بالزائدة الهاء الأصلية نحو: (نفقه) ، (ينته). هاء الكناية في اصطلاح القراء
وبالدالة على الواحد المذكر الهاء في نحو: عليها ، عليهما ، عليهم ، عليهن . فكل هذه وإن كانت هاءات ضمير، لا تسمى هاءات كناية اصطلاحا.
وتتصل هاء الكناية بالفعل نحو: ولا يئوده . والاسم نحو (أهله)، وبالحرف نحو: (عليه). ولها أربع أحوال:
الأولى: أن تقع بعد متحرك وقبل ساكن نحو: له الملك وله الحمد ، ربه الأعلى ، لعلمه الذين .
الثانية: أن تقع بين ساكنين أي: بعد ساكن وقبل ساكن نحو: منه اسمه ، فيه القرآن ، إليه المصير .
الثالثة: أن تقع بين متحركين أي: بعد متحرك وقبل متحرك نحو: كل له قانتون ، له ما في السماوات أماته فأقبره .
الرابعة: أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك نحو: فيه هدى ، اجتباه وهداه ، عقلوه .
وقد أخبر الناظم بأن القراء جميعا لم يصلوا هاء الضمير إذا وقعت قبل ساكن أي سواء كان قبلها متحرك أو ساكن، فهو شامل للحالين الأولين، ثم أخبر بأنها إذا كان قبلها متحرك وبعدها متحرك فإنها توصل لكل القراء بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، وهذه هي الحال الثالثة، وإنما قلنا: وبعدها متحرك، لأن ما قبلها متحرك وبعدها ساكن قد سبق حكمها، وهي الحال الأولى، وقد شملها قوله: (ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن)، ثم أخبر بأنه إذا كان قبلها ساكن وبعدها متحرك وهي الحال الرابعة، فقد اختلف فيها القراء يصلها بواو إن كانت مضمومة، وبياء إن كانت مكسورة، ويوافقه فابن كثير حفص في لفظ فيه مهانا في الفرقان فيقرؤه بالصلة. وباقي القراء يقرءون بترك الصلة في جميع المواضع، وإنما قلنا: وبعدها متحرك، لأن ما قبلها ساكن وبعدها ساكن قد سبق حكمها وهي الحال الثانية. والمراد بالصلة: إشباع الضمة حتى تصير واوا ساكنة مدية وإشباع الكسرة حتى تصير ياء ساكنة مدية، والصلة بقسميها تثبت وصلا وتحذف وقفا.
[ ص: 69 ]
3 - وسكن يؤده مع نوله ونصله ونؤته منها فاعتبر صافيا حلا
4 - وعنهم وعن حفص فألقه ويتقه حمى صفوة قوم بخلف وأنهلا
5 - وقل بسكون القاف والقصر حفصهم ويأته لدى طه بالإسكان يجتلا
6 - وفي الكل قصر الهاء بان لسانه بخلف وفي طه بوجهين بجلا
أمر بتسكين هاء الكناية في الكلمات الآتية: (يؤده) ، (نوله)، (ونصله)، (نؤته)، للمشار إليهم بالفاء، والصاد، والحاء، وهم: حمزة، وشعبة، فأما (يؤده) فوقعت في آل عمران في موضعين في هذه الآية: وأبو عمرو. ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك الآية. وأما (نوله) و(نصله) فوقعتا في سورة النساء نوله ما تولى ونصله جهنم ، وأما (نؤته) فوقعت في ثلاثة مواضع: موضعين في آل عمران ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وموضع في الشورى ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ثم ذكر أنه ورد عن حمزة وشعبة، وأبي عمرو، وحفص إسكان الهاء في فألقه إليهم في سورة النمل، ثم بين أن ويتقه في سورة النور قرأها بإسكان الهاء أبو عمرو، وشعبة وخلاد بخلف عنه، ثم ذكر أن حفصا يقرأ ويتقه بسكون القاف وقصر الهاء أي: كسرها من غير صلة، فتكون قراءة الباقين بكسر القاف كما لفظ به، ثم أخبر أن كلمة يأته مؤمنا قرأها بإسكان الهاء وأخيرا أخبر أن قصر الهاء في جميع الكلمات السابقة ثبت عن السوسي، قالون، بخلف عنه، وأن (يأته) وهشام فيها الوجهان: القصر والصلة، والمراد بقصر الهاء في هذه الكلمات: النطق بها مكسورة كسرا كاملا من غير إشباع، وقد يعبر عن هذا القصر الاختلاس. وضد القصر المد، والمراد به هنا الإشباع، وهو النطق بالهاء مكسورة كسرا كاملا مع صلتها بياء أي مدها بمقدار حركتين، فالمد والصلة والإشباع ألفاظ مترادفة في هذا الباب تدل على معنى واحد، وهو مد الهاء بمقدار حركتين، وإذا كان لقالون يقرأ بقصر الهاء في هذه الكلمات وله في (يأته) في طه القصر والإشباع، قالون يقرأ بالقصر والإشباع في كل منها، فالباقون يقرءون بإشباع الهاء. ونلخص [ ص: 70 ] لك مذاهب القراء السبعة في الكلمات السابقة فنقول: فأما يؤده، وقوله: (ونصله)، (ونؤته)، فيقرأ بإسكان هائها: وهشام حمزة وشعبة ويقرأ بقصر هائها: قالون بلا خلاف عنه، وأبو عمرو. فيها الوجهان القصر والإشباع، ويقرأ الباقون بالإشباع قولا واحدا وهم: ولهشام ورش، وابن كثير، وابن ذكوان، وحفص، ويؤخذ المد وهو الإشباع لهم من الضد لأنه ضد القصر، كما يؤخذ المد والكسائي. وهو الوجه الثاني له من الضد، فيكون خلاف القراء في هذه الكلمات دائرا بين إسكان هائها وقصرها ومدها. وأما لهشام فألقه إليهم بالنمل: فمذاهب القراء فيها كمذاهبهم في (يؤده) وأخواتها سواء بسواء، غير أن حفصا يقرؤها بإسكان الهاء ومن معه. وأما كشعبة ويتقه بالنور: فقرأها حفص بسكون القاف وقصر الهاء، وقرأها بكسر القاف وقصر الهاء، وقرأ قالون أبو عمرو بكسر القاف وسكون الهاء، وشعبة فيها وجهان الأول: ولهشام والثاني: بكسر القاف وإشباع الهاء، كقالون ولخلاد فيها وجهان: الأول: بكسر القاف وسكون الهاء، والثاني: بكسر القاف وإشباع الهاء، وقرأها الباقون، وهم: ورش، وابن كثير، وابن ذكوان، وخلف، بكسر القاف وإشباع الهاء، واعلم أن كسر القاف لغير والكسائي حفص يؤخذ من لفظ الناظم. وأن المد في الهاء لأصحاب المد ولهشام وخلاد في وجههما الثاني يؤخذ من الضد. وأما يأته مؤمنا فقرأ بإسكان الهاء وحده، وقرأ باقي القراء غير السوسي قالون بكسر الهاء مع الإشباع. ولكل من وهشام قالون وجهان وهما: كسر الهاء مع القصر والإشباع ويؤخذ الإشباع وهشام لقالون في وجههما الثاني، ولباقي القراء غير وهشام من الضد. هذا ما يؤخذ من النظم، ولكن المحققين على أن السوسي ليس له من طريق النظم وأصله إلا الإشباع في لفظ هشاما يأته في طه، فينبغي الاقتصار له عليه.
7 - وإسكان يرضه يمنه لبس طيب بخلفهما والقصر فاذكره نوفلا
8 - له الرحب والزلزال خيرا يره بها وشرا يره حرفيه سكن ليسهلا
قرأ بلا خلاف عنه، السوسي عن والدوري أبي عمرو بخلف عنهما وهشام وإن تشكروا يرضه لكم في سورة الزمر بإسكان الهاء. وقرأ بقصر الهاء: حمزة، [ ص: 71 ] وعاصم، وهشام، فتكون قراءة الباقين بصلة الهاء وهو الوجه الثاني ونافع. لهشام فيتلخص: أن والدوري، يقرأ بإسكان الهاء، وأن السوسي وجهين الأول: الإسكان، لأنه مذكور مع المسكنين، والثاني: القصر، لأنه مذكور مع القاصرين. وأن لهشام وجهين الأول: الإسكان، لأنه مذكور مع المسكنين. والثاني: المد، لعدم ذكره مع القاصرين، فيكون مع المادين المشبعين، وأن الباقين وهم للدوري ابن كثير، وابن ذكوان، يقرءون بالمد، وتؤخذ قراءتهم من الضد. وقرأ المرموز له باللام وهو والكسائي هشام: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، بسكون الهاء في الكلمتين وصلا ووقفا. وقرأ غيره بضمها وإشباعها وصلا وبسكونها وقفا، أما الضم: فيؤخذ لهم من الشهرة ومن القواعد العامة القاضية بأن هاء الضمير تضم إذا وقعت بعد فتح، أو ضم، أو ألف، أو واو، وأما الإشباع: فيؤخذ من قوله: (وما قبله التحريك للكل وصلا)، وهي الحال الثالثة، وسبق بيانها، وقوله: (بها) أي بسورة الزلزلة احترز به عما وقع في سورة البلد أن لم يره أحد فقد اتفق السبعة على قراءته بالضم والإشباع.
9 - وعى نفر أرجئه بالهمز ساكنا وفي الهاء ضم لف دعواه حرملا
10 - وأسكن نصيرا فاز واكسر لغيرهم وصلها جوادا دون ريب لتوصلا
قرأ المرموز لهم بكلمة (نفر) وهم ابن كثير، وابن عمرو، " أرجه وأخاه " ، في سورتي الأعراف والشعراء بزيادة همزة ساكنة بين الجيم والهاء، فتكون قراءة غيرهم بترك الهمز لأن ضد الهمز تركه. وقرأ وابن عامر، هشام، وابن كثير، بضم الهاء، وقرأ وأبو عمرو عاصم بإسكانها، وقرأ الباقون بكسرها وهم: وحمزة نافع، وابن ذكوان، وقرأ والكسائي، ورش، وابن كثير، والكسائي، بصلة الهاء وإشباعها، فيتلخص من ذلك: أن وهشام يقرأ بترك الهمزة وكسر الهاء وقصرها، وأن قالون ورشا، يقرءان بترك الهمز وكسر الهاء وإشباعها. وأن والكسائي ابن كثير، يقرءان بالهمز الساكن مع ضم الهاء وإشباعها، وأن وهشاما يقرأ بالهمز الساكن مع ضم الهاء وقصرها. وأن أبا عمرو ابن ذكوان يقرأ بالهمز الساكن مع كسر الهاء وقصرها، وأن عاصما يقرءان بترك الهمز [ ص: 72 ] وإسكان الهاء، فيكون في الكلمة ست قراءات: ثلاث للهامزين الأولى: وحمزة لابن كثير والثانية: وهشام، والثالثة: لأبي عمرو، لابن ذكوان، ولغير الهامزين ثلاث قراءات أيضا: الأولى: لقالون، والثانية: لورش والثالثة: والكسائي، لعاصم ولا يخفى على المتأمل استنباط كل قراءة من النظم، والله تعالى أعلم. وحمزة،