( الفرق السبعون والمائتان بين ) قاعدة ما يجب النهي عنه من المفاسد ، وما يحرم وما يندب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } قال لتأمرن ولتنهون أو ليوشكن أن يبعث الله عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم الترمذي : حديث حسن فللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاثة شروط :
( الشرط الأول ) أن يعلم ما يأمر به وينهى عنه فالجاهل بالحكم لا يحل له النهي عما يراه ، ولا الأمر به ( الشرط الثاني ) : أن يأمن من أن يكون يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه مثل أن ينهى عن شرب الخمر فيؤدي نهيه عنه إلى قتل النفس أو نحوه
( الشرط الثالث ) : أن يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له ، وأن أمره بالمعروف مؤثر في تحصيله فعدم أحد الشرطين الأولين يوجب التحريم
[ ص: 256 ] وعدم الشرط الثالث يسقط الوجوب ويبقي الجواز والندب ثم مراتب الإنكار ثلاثة أقواها أن يغيره بيده ، وهو واجب عينا مع القدرة فإن لم يقدر على ذلك انتقل للتغيير بالقول ، وهي المرتبة الثانية وليكن القول برفق لقوله عليه السلام { من أمر مسلما بمعروف فليكن أمره كذلك } قال الله عز وجل { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى } وقال عز وجل { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } فإن عجز عن القول انتقل للرتبة الثالثة وهي الإنكار بالقلب ، وهي أضعفها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } وليس وراء ذلك شيء من الإيمان ، ويروى { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه } خرجه وذلك أضعف الإيمان أبو داود ، وفي الصحيح نحوه
( سؤال ) قد نجد أعظم الناس إيمانا يعجز عن الإنكار ، وعجزه لا ينافي تعظيمه لله - تعالى - وقوة الإيمان ؛ لأن الشرع منعه أو أسقطه عنه بسبب عجزه عن الإنكار لكونه يؤدي لمفسدة أعظم أو نقول : لا يلزم من العجز عن القربة نقص الإيمان ، فما معنى قوله عليه السلام { } جوابه المراد بالإيمان ها هنا الإيمان الفعلي الوارد في قوله تعالى { وذلك أضعف الإيمان وما كان الله ليضيع إيمانكم } أي صلاتكم لبيت المقدس والصلاة فعل ، وقال عليه السلام { } وهذه التجزئة إنما تصح في الأفعال وقد سماها إيمانا وأقوى الإيمان الفعلي إزالة اليد لاستلزامه إزالة المفسدة على الفور ثم القول ؛ لأنه قد لا تقع معه الإزالة ، وقد تقع ، والإنكار القلبي لا يورث إزالة ألبتة ، أو يلاحظ عدم تأثيره في الإزالة فيبقى الإيمان مطلقا ، وها هنا ست مسائل يكمل بها الفرق ( المسألة الأولى ) الإيمان سبع وخمسون شعبة وقيل : بضع وسبعون أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
أن ، قال الوالدين يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر : ويخفض لهما في ذلك جناح الذل من الرحمة مالك
[ ص: 256 ]