( الفرق الخمسون والمائتان بين ) اعلم أن هذا الفرق غريب عجيب نادر بسبب أن كتب الفرائض على العموم فيما رأيت لم يختلف منهم اثنان في أن أسباب التوارث ثلاثة نسب وولاء ونكاح ، وهو في غاية الإشكال ؛ لأن المراد بالثلاثة إما الأسباب التامة ، وإما أجزاء الأسباب ، والكل غير مستقيم ، وبيانه أنهم يجعلون أحد الأسباب القرابة ، والأم لم ترث الثلث في حالة والسدس في أخرى بمطلق القرابة ، وإلا لكان ذلك ثابتا للابن أو البنت لوجود مطلق القرابة فيهما قاعدة أسباب التوارث وأجزاء أسبابها العامة والخاصة
[ ص: 194 ] بل بخصوص كونها أما مع مطلق القرابة ، وكذلك البنت ترث النصف ليس بمطلق القرابة ، وإلا لثبت ذلك للجد أو الأخت للأم بل لخصوص كونها بنتا مع مطلق القرابة فحينئذ لكل واحد من الورثة سبب تام يخصه مركب من جزأين من خصوص كونها بنتا أو غيره وعموم القرابة وكذلك للزوج النصف ليس لمطلق
[ ص: 195 ] النكاح ، وإلا لكان للزوجة النصف لوجود مطلق النكاح فيها بل لخصوص كونه زوجا مع عموم النكاح كما تقدم فسببه مركب ، وكذلك الزوجة [ ص: 196 ] إذا ظهر هذا فإن أرادوا حصر الأسباب التامة في ثلاثة فهي أكثر من عشرة بالإجماع لما تقدم أو الناقصة التي هي أجزاء أسباب فالخصوصات كما رأيت كثيرة فلا يستقيم الحصر مطلقا لا في التام ، ولا في الناقص فتنبه لهذا المعنى فهو حسن لم أر أحدا تعرض له ، ولا لخصه ، وحينئذ أقول : إن أسباب [ ص: 197 ] القرابة ، وإن كثرت فنحن لا نريدها ، ولا نريد التامة التي هي الخصوصات بل الناقصة التي هي المشتركات ، وهي مطلق القرابة ومطلق النكاح ومطلق الولاء
والدليل على حصر غير التامة في هذه الثلاث أن الأمر العام بين جميع الأسباب التامة إما أن يمكن إبطاله أو لا فإن أمكن فهو النكاح ؛ لأنه يبطل بالطلاق وإن لم يمكن إبطاله فإما أن يقتضي التوارث من الجانبين غالبا أو لا فإن اقتضى التوارث من الجانبين غالبا فهو القرابة ، وإن لم يقتضه إلا من أحد الجانبين فهو الولاء ؛ لأنه يرث [ ص: 198 ] المولى الأعلى الأسفل ، ولا يرث الأسفل الأعلى وقولنا غالبا احتراز من العمة ونحوها فإنه يرثها ابن أخيها ولا ترثه