( الفرق الحادي والستون بين قاعدة مفهوم اللقب وبين قاعدة غيره من المفهومات )
فإن قاعدة لم يقل بها إلا مفهوم اللقب الدقاق وقاعدة قال بها جمع كثير مفهوم غير اللقب كمالك وغيرهما ، وسر الفرق بينهما أن مفهوم اللقب أصله كما قال والشافعي تعليق الحكم على أسماء الأعلام ؛ لأنها الأصل في قولنا لقب . التبريزي
وأما أسماء الأجناس نحو الغنم والبقر ونحوهما لا يقال لها لقب فالأصل حينئذ إنما هي الأعلام وما يجري مجراها ، قال : ويلحق بها أسماء الأجناس وعلى التقديرين فالفرق أن العلم نحو قولنا أكرم زيدا أو اسم الجنس نحو زك عن الغنم لا إشعار فيه بالعلة لعدم المناسبة في هذين القسمين ومفهوم الصفة ونحوه فيه رائحة التعليل فإن الشروط اللغوية أسباب أيضا فمتى جعل الشيء شرطا أشعر ذلك بسببية ذلك الشرط عند المتعلق عليه أدركنا نحن ذلك أم لا ، وكذلك إذا حصر أو جعل غاية وإذا كانت هذه الأشياء تشعر بالتعليل عند المتكلم بها والقاعدة أن عدم العلة علة لعدم المعلول فيلزم في صورة المسكوت عنه عدم الحكم لعدم علة الثبوت فيه أما الأعلام والأجناس فلا إشعار لها بالعلية فلا جرم لا يكون عدمها من صورة السكوت علة لشيء لأنه ليس عدم علة فلا يلزم عدم الحكم في صورة المسكوت عنه فهذا هو سبب [ ص: 38 ] ضعفه وقلة القائلين به وينبغي لك أن تتفطن له فإن جماعة ممن لم يقل به وقع فيه عند الاستدلال وما شعر .
وقال صاحب المهذب من الشافعية لا يجوز لقوله عليه السلام { التيمم بغير التراب } وفي أخرى { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } ومفهوم قوله وترابها طهورا أن غير التراب لا يجوز التيمم به ، واستدلاله بذلك على وترابها طهورا لا يصح ؛ لأنه لقب ليس حجة عنده ولا عند مالك ؛ لأن التراب اسم جنس فقد استدل بما ليس حجة عنده ولا عند خصمه ، وكذلك استدل على مالك بأن أبي حنيفة بقوله عليه السلام { الخل لا يزيل النجاسة } فمفهوم قوله عليه السلام يقتضي أنه لا يجوز أن يغسل بغيره من الخل وغيره وهذا أيضا غير مستقيم فإن الماء اسم جنس فمفهومه مفهوم لقب ليس بحجة عنده ولا عند حتيه ثم اقرضيه بالماء بل أبي حنيفة لم يقل بالمفهوم مطلقا فضلا عن مفهوم اللقب فاستدلاله على أبو حنيفة أبعد من استدلاله على أبي حنيفة بسبب أن مالك قال بالمفهوم من حيث الجملة وأما مالكا فلا فهذا هو الفرق بين القاعدتين والتنبيه عليه بالمثل . أبو حنيفة