قال : جاءت الآثار في السنة وفي تأويل الكتاب بنسخ أنواع من النكاح ، فمنها ما كان حلالا فنسخه التحريم ، ومنها ما كان حراما فنسخه التحليل ، ومنها ما اختلف العلماء في نسخه ، وأما الذي أبو عبيد . كان حلالا فنسخ بالتحريم فإنه نكاح المتعة
122 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد بشر بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، عن عمه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الربيع بن سبرة الجهني ، عن أبيه قال : الكعبة يقول : " يا أيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء ، ألا وإن الله عز وجل قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده منهن شيء ، فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته ، فشكونا إليه العزبة ، فقال : " استمتعوا من هذه النساء " قال : ثم أصبحت غاديا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو قائم بين الركن والمقام مسند ظهره إلى
123 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثني أبو عبيد ، عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل قال : أخبرني ابن شهاب الربيع بن سبرة ، أن أباه ، قال : " بني عامر
[ ص: 74 ] ببردين أحمرين ، ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها . قال : قال استمتعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة من ، ثم لقيت الليث الربيع بن سبرة ، فحدثني بمثل حديث ابن شهاب
124 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور ، قال : الحسن لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته تزين نساء أهل مكة ، فشكى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقال : " تمتعوا منهن واجعلوا الأجل بينكم وبينهم ثلاثا فما أحسب رجلا منكم يستمكن من امرأة ثلاثا إلا ولاها الدبر . قال : فإنما كانت المتعة ثلاثة أيام لم تكن قبل ذلك ولا بعده الحسن
[ ص: 75 ]
125 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري عبد الله ، والحسن ، ابني ، عن أبيهما محمد بن علي ، محمد بن علي ابن الحنفية رضي الله عنه أنه مر علي بن أبي طالب وهو يفتي بنكاح المتعة : أنه لا بأس بها ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عنها وعن لحوم الحمر الأهلية يوم بابن عباس خيبر . قال عن : " فكان بعض الناس يطعن في هذا يقول : كيف ينهى عن المتعة يوم أبو عبيد خيبر ، إنما كانت رخصتها في عمرته وهي بعد خيبر ؟ وإنما وجهه عندنا أن رضي الله عنه أراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة ، فهذا كلام مكتفيا بما فيه ، ثم قال : ونهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم عليا خيبر
قال : ووجه قوله : يوم أبو عبيد خيبر إنما هو على نهيه عن لحوم الحمر خاصة يوم خيبر ، فأما نهيه عن المتعة ، فكان بعد ذلك في عمرته التي أقام فيها ثلاثا بمكة بعد ذلك "
126 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو معاوية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن الحارث بن غزية ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " متعة النساء حرام ، متعة النساء حرام
[ ص: 76 ]
127 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن شعبة قال : سمعت قتادة يقول : أبا نضرة يأمر بالمتعة ، وكان ابن عباس ابن الزبير ينهى عنها قال : فذكرت ذلك ، فقال : " على يدي دار الحديث ، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدم لجابر بن عبد الله قال : إن الله عز وجل كان يحل لرسوله ما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله عز وجل ، وأبتوا نكاح هذه النساء ، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة عمر . قال كان : حدثني بهذا الحديث ثلاثة لم يذكر أحد منهم : رجمته بالحجارة ، غير شعبة قتادة
128 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن مروان بن معاوية عمر بن حمزة العمري ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : كنت أطوف مع ابن عمر بالبيت إذ لقيه رجل ، فسأله عن متعة النساء ، فقال : " اللهم لا نعلمها إلا السفاح ، اللهم لا نعلمها إلا السفاح ، إن ابن عمر لو كان حيا لك ولأصحابك لشرد بهم أو قال بكم عمر
[ ص: 77 ]
129 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عقيل ، عن ويونس ، عن ابن شهاب عبد الملك بن المغيرة بن نوفل ، عن ، أنه سئل عن المتعة ، فقال : " ذلك السفاح ابن عمر
130 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ابن أبي مريم ، عن ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : " نكاح المتعة بمنزلة الزنا هشام بن عروة
[ ص: 78 ]
131 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ابن أبي مريم ، عن ، عن يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، أنها كانت إذا ذكر لها المتعة قالت : " والله ما نجد في كتاب الله عز وجل إلا النكاح والاستسرار ، ثم تتلو هذه الآية : عائشة والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون
132 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عقيل قال : أخبرني ابن شهاب ، وهو يذاكرني المتعة ، فقال : " ألا يقرأ هؤلاء الذين يفتون بالمتعة ، هل يجدون سالم بن عبد الله
[ ص: 79 ] في كتاب الله عز وجل من نكاح إلا له طلاق وإلا له عدة وإلا له ميراث ؟ . قال : وقال : وهو يذاكرني ذلك كيف يجترئون على الفتيا بالمتعة وقد قال الله عز وجل في كتابه : والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله : فأولئك هم العادون . للقاسم بن محمد
133 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو الأسود ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، سالم مثل ذلك والقاسم
134 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ابن أبي زائدة ، عن ، عن حجاج الحكم ، عن أصحاب ، عن عبد الله قال : " المتعة منسوخة نسخها الطلاق ، والصداق ، والعدة ، والميراث . عبد الله بن مسعود
[ ص: 80 ] قال : " فالمسلمون اليوم مجمعون على هذا القول : أن متعة النساء قد نسخت بالتحريم ، ثم نسخها الكتاب والسنة على ما ذكرنا في هذه الأحاديث ولا نعلم أحدا من الصحابة كان يترخص فيها إلا ما كان من أبو عبيد ، فإنه كان ذلك معروفا من رأيه ثم بلغنا أنه رجع عنه " ابن عباس
135 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، قال : أخبرني ابن جريج قال : سمعت عطاء ، يقول : " يرحم الله ابن عباس ما كانت المتعة إلا رحمة من الله عز وجل رحم بها أمة عمر محمد صلى الله عليه وسلم ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي . قال : والله لكأني أسمع قوله الآن : إلا شقي القائل قال : قال عطاء : وهي التي في سورة النساء : فما استمتعتم به منهن فآتوهن إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا قال : وليس بينهما وراثة ، فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم ، وإن تفرقا فنعم ، وليس بينهما نكاح قال : وأخبرني أنه سمع عطاء يراها حلالا ابن عباس
136 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: وحدثني أبو عبيد ، عن ابن بكير ، عن الليث ، عن بكير بن الأشج عمار مولى الشريد قال : سألت عن المتعة ، أسفاح هي أم نكاح ؟ فقال ابن عباس : " لا سفاح هي ولا نكاح ، قلت : ابن عباس
[ ص: 81 ] ما هي ؟ قال : " هي المتعة كما قال الله ، قلت : هل لها من عدة قال : نعم عدتها حيضة ، قلت : هل يتوارثان ؟ قال : لا
137 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، أن ابن شهاب خالد بن المهاجر بن خالد سيف الله أخبره أنه بينما هو جالس عند جاءه رجل ، فاستفتاه في المتعة ، فأمره بها ، فقال له ابن عباس ابن أبي عمرة الأنصاري : مهلا يا ، فقال : والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين ، فقال أبا عباس ابن أبي عمرة : " يا إنما كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ، ثم أحكم الله الدين ونهى عنها أبا عباس
138 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله ، عن الليث ، عن يونس ، أن ابن شهاب ، أخبره أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة كان يفتي بها ، ويغمض بذلك أهل العلم وأبى أن يتنكل عن ذلك حتى طفق بعض الشعراء يقول : ابن عباس
[ ص: 82 ]
....................................... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في ناعم خود مبتلة
تكون مثواك حتى رجعة الناس
139 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن حجاج المنهال بن عمرو ، عن قال : قلت سعيد بن جبير : إن الناس قد أكثروا عليك في المتعة ، وقال الشاعر فيها ما قال ، فخرج لابن عباس ، فقال : " هي كالمضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير . ابن عباس
قال : " وأما قول أهل العلم اليوم جميعا من أهل أبو عبيد العراق وأهل الحجاز وأهل الشام وأصحاب الأثر وأصحاب الرأي وغيرهم : أنه لا رخصة فيها لمضطر ، ولا لغيره وأنها منسوخة ، حرام على ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع أنه قد روي عن شيء شبيه بالرجوع عن قوله الأول " ابن عباس
[ ص: 83 ]
140 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في قوله ابن عباس فما استمتعتم به منهن قال : " نسختها : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن . قال : فهذا ما في الحلال الذي نسخه الحرام ، وأما أبو عبيد الحرام الذي نسخه الحلال ، فنكاح نساء أهل الكتاب
141 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن في قوله : ابن عباس ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال : " ثم استثنى أهل الكتاب ، فقال : " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان " قال : " عفائف غير زوان .
قال : هكذا هو في الحديث ، يعني : محصنات غير مسافحات ، وإنما هو : محصنين غير مسافحين ؟ فلا أدري هذه القراءة وهم من المحدث ، أم هي قراءة أبو عبيد ابن عباس
[ ص: 84 ]
142 - ويروى عن ، أنه قال : " حرم الله نكاح المشركات جميعا في قوله : الأوزاعي ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ثم أحل نساء أهل الكتاب ، فقال : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم .
قال : " فرأى أبو عبيد ابن عباس : أن الناسخ من الآيتين هي هذه التي في المائدة ، وكذلك قول والأوزاعي ، سفيان ، وبه جاءت الأخبار عن الصحابة والتابعين وأهل العلم بعدهم أن نكاح حلال بهذه الآية إلا شيئا يروى عن ومالك ، فإنه أمسك عن ذلك وكرهه " ابن عمر
143 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، عن نافع أنه : " كان لا يرى بأسا بطعام أهل الكتاب وكره نكاح نسائهم ابن عمر
[ ص: 85 ]
144 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن نافع ، أنه كان إذا سئل عن نكاح اليهودية ، والنصرانية قال : " إن الله عز وجل حرم المشركات على المسلمين قال : ولا أعلم من الشرك شيئا أكبر أو قال : أعظم من أن تقول : إن ربها ابن عمر عيسى وهو عبد من عباد الله
145 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثني أبو عبيد ، عن علي بن معبد أبي المليح ، عن قال : قلت ميمون بن مهران : إنا بأرض لابن عمر
[ ص: 86 ] يخالطنا فيها أهل الكتاب أفننكح نساءهم ونأكل طعامهم ؟ قال : فقرأ علي آية التحليل وآية التحريم قال : قلت : إني أقرأ ما تقرأ ؟ أفننكح نساءهم ، ونأكل طعامهم ؟ قال : " فأعاد علي آية التحليل وآية التحريم .
قال : وإنما نرى كراهة أبو عبيد لذلك كانت وإمساكه عنه ، لأنه وجد الآيتين : إحداهما تحل والأخرى تحرم ، ورأى من سواه من العلماء أن الآية المحرمة هي المنسوخة ، وأن المحللة هي الناسخة فعملوا بها ، كذلك جاءت أخبارهم تترى ابن عمر
146 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثني أبو عبيد ابن أبي مريم ، عن ، يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد ، عن عمر مولى غفرة قال : سمعت عبد الله بن علي بن السائب بن عبد يزيد ، من بني المطلب بن عبد مناف
[ ص: 87 ] يقول : إن رضي الله عنه : " تزوج عثمان بن عفان نائلة ابنة القرافصة الكلبية ، وهي نصرانية . وزاد في حديثه : أنه تزوجها على نسائه نافع
147 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن مغيرة قال : " تزوج أحد الستة يهودية . قال : فقلت الشعبي : أهو للشعبي الزبير ، فقال : إن كان الزبير لكريم المناكح .
قال : يريد أبو عبيد بالستة أهل الشورى ، وأحسبه يعني بالمتزوج الشعبي وذلك لأنه معروف عنه طلحة
148 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ابن أبي مريم ، عن ، عن يحيى بن أيوب عمر مولى غفرة ، عن عبد الله بن علي بن السائب ، [ ص: 88 ] قال : " تزوج يهودية من أهل طلحة بن عبيد الله الشام من أهل أريحا . وبعضهم يقول : ريحاء
149 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، سفيان ، عن وشعبة ، عن أبي إسحاق هبيرة بن يريم ، عن : " أن علي تزوج يهودية طلحة
150 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، سفيان ، عن وشعبة المغيرة بن النعمان ، عن : " أن سعيد بن جبير تزوج يهودية طلحة
151 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو النضر ، عن شعبة ، عن شيخ جار لحذيفة : " أن الحكم بن عتيبة تزوج يهودية وعنده عربيتان حذيفة بن اليمان
[ ص: 89 ]
152 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن يونس ، الحسن وعبيدة ، عن ، إبراهيم ، عن ومطرف ، أنهم : " كانوا لا يرون بأسا بالنكاح في أهل الكتاب الشعبي
153 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن معاذ ، عن أشعث ، أنه كان " لا يرى بأسا أن يجمع الرجل أربعا من أهل الكتاب الحسن
154 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان قال : سألت حماد عن نكاح اليهودية والنصرانية ، [ ص: 90 ] فقال : " لا بأس به قال : قلت : فإن الله تبارك وتعالى يقول : سعيد بن جبير ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن فقال : أهل الأوثان والمجوس .
قال : " فالمسلمون اليوم على هذه الأحاديث من الرخصة في نكاح أهل الكتاب ، ويرون أن التحليل هو الناسخ للتحريم ، ومع هذا أنه قد جاء عن أبو عبيد رضي الله عنه أنه كان يأمر باجتنابهن وذلك على التنزه عنهن غير محرم لهن " عمر بن الخطاب
155 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، قال : بلغنا أن ابن شهاب عبد الله بن قارظ ، تزوج في ولاية امرأة من أهل الكتاب ، فولدت له عمر بن الخطاب خالد بن عبد الله ، ثم قال له رضي الله عنه : " تنزه عنها وانكح امرأة مسلمة قال : فطلقها وتزوج مسلمة عمر
156 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن يزيد ، عن الصلت بن بهزام ، عن قال : تزوج شقيق بن سلمة حذيفة
[ ص: 91 ] يهودية بالمدائن ، فكتب إليه أن خل سبيلها ، فكتب إليه عمر : أحرام هي ؟ فكتب إليه حذيفة : " لا ولكن أخاف أن تواقعوا المومسات منهن . عمر
قال : يعني : العواهر ، فنرى أن أبو عبيد رضي الله عنه ، إنما ذهب إلى ما في الآية وهو قوله عز وجل : عمر والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب فيقول : إن الله إنما اشترط العفائف منهن وهذه لا يؤمن أن تكون غير عفيفة ، ومثله الحديث الذي يروى مرفوعا إلا أنه مرسل
157 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو اليمان
[ ص: 92 ] أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن علي بن أبي طلحة قال : أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " فنهاه وقال : " إنها لا تحصنك كعب بن مالك . أراد
قال : " وقد كان ناس من الناس يتأولونه في إحصان الرجم على الزاني ، وهذا من أوحش ما يتأول على النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه أن يظن بهم الزنا ، ليس هذا من مذاهب الأنبياء ولا كلامهم ، ولكنه أراد عندنا تنزيهه عنها للآية التي فيها شرط المحصنات أيضا ، فقوله : " إنها لا تحصنك " يقول : إذا كانت هذه المشركة لا تؤمن أن تكون غير عفيفة لم تضعك من جماعها بموضع الحصانة منها ، ولكنها تكون قد أوطأتك من نفسها غير عفاف ، وهذا هو الطريق الذي سلكه في كتابه إلى أبو عبيد بما كتب ، وكذلك حديث حذيفة ابن عمر
158 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد أبو مطيع الخراساني ، عن ، عن سفيان ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع أنه قال : ابن عمر
[ ص: 93 ] لا يحصن أهل الشرك .
قال : " وقد كان بعضهم يوجه هذا الحديث أيضا على إحصان الرجم وكيف يفتي أبو عبيد هذه الفتيا ، وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديا ، ويهودية هذا لا يكون ، وإنما أراد عندنا ما أعلمتك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عمر رضي الله عنه ، ألا ترى أن عمر كان يكره نكاحهن " قال ابن عمر : " فهذا ما في نكاح الكتابيات من ذوات الذمة ، فأما نساء الحرب فلا يدخلن في هذه الرخصة ، وإن كن من أهل الكتاب أبو عبيد
159 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين الحكم ، عن ، عن مجاهد قال : " لا تحل نساء أهل الكتاب إذا كانوا حربا قال : وتلا هذه الآية : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله إلى قوله : وهم صاغرون . قال : قال ابن عباس الحكم : فحدثت بذلك فأعجبه إبراهيم
[ ص: 94 ]
160 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن المسعودي قال : قلت الحكم بن عتيبة : هل تعلم شيئا من نساء أهل الكتاب يحرم ، فقال لا . فقال لإبراهيم الحكم : وقد كنت سمعت من أبي عياض : أن نساء أهل الكتاب يحرم نكاحهن في بلادهن قال : فذكرت ذلك فصدق به وأعجبه " . قال لإبراهيم : " وهذا هو المعمول به عند العلماء ، لا أعلم بينهم في كراهته اختلافا " قال أبو عبيد : " قد ذكرنا ما في نكاح نساء أهل الكتاب ، فأما أبو عبيد عند المسلمين جميعا لم ينسخ تحريمهن كتاب ولا سنة علمناها " المجوسيات والوثنيات فنكاحهن محرم
161 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم الحسن بن محمد ، قال : " هجر في ألا تنكح لهم امرأة ولا تؤكل لهم ذبيحة . قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس
[ ص: 95 ] قال : وكذلك سائر أبو عبيد خلا أهل الكتاب هن مثل المجوسيات المشركات
162 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور قال : كان معاوية بن قرة : " يكره أن يطأ الرجل أمته إذا فجرت ، أو يطأها وهي مشركة عبد الله بن مسعود
163 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن ابن مهدي ، عن شريك ، عن أبي إسحاق بكر بن ماعز ، عن ، أنه " كان الربيع بن خثيم
[ ص: 96 ] يكره أن يطأ أمته مشركة
164 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن مغيرة قال : " إذا سبيت المجوسية وعبدة الأوثان فلا يوطأن حتى يسلمن ، فإن أبين أكرهن إبراهيم
165 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان قال : سألت موسى بن أبي عائشة مرة الهمداني ، عن المجوسية يتخذها الرجل سرية فكرهاه وسعيد بن جبير
166 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد خالد بن عمرو ، [ ص: 97 ] عن ، عن شريك ، عن سماك بن حرب قال : " إذا اشتريت مجوسية ، فلا تطأها حتى تسلم أبي سلمة بن عبد الرحمن
167 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، أنه سئل عن رجل كانت له جارية مجوسية ، فقال : " لا يحل له أن يطأها حتى تسلم ابن شهاب
168 - قال وكذلك قول أبو عبيد: ، الأوزاعي ، وسفيان ، حدثنيه عنه ومالك ابن أبي مريم ، أن " وابن بكير ، وكذلك قول أهل الرأي كلهم . المجوسية لا تحل بنكاح ولا بملك يمين
قال : " وإنما اتفقت العلماء على تحريمهن في الوجهين جميعا أبو عبيد
[ ص: 98 ] بالآية المحرمة في سورة البقرة وهي قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن فعم بها الحرائر والإماء ، ثم نسخ منها أهل الكتاب بالآية التي في المائدة على ما فسره أهل العلم ، وقد أرخص بعضهم مع هذا في الولائد منهن خاصة دون الأزواج "
169 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عطاء وعمرو بن دينار في وطء الأمة المجوسية قالا : " لا بأس بذلك .
قال : " وأول من قال بهذا القول ذهب إلى قوله : أبو عبيد ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن أنه في التزويج خاصة ، فحرموها زوجة وأحلوها بملك يمين ، وقد تأول ذلك قوم في سبايا العرب يوم أوطاس وقالوا : وقد وطئن بالملك وهن عوابد أوثان ، ليس بأهل كتاب ، وهذا عندنا خطأ في التأويل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ولكن وجهه عندنا أنه عرض عليهن الإسلام بعد السبي فأسلمن قبل الوطء ، يفسر ذلك حديث يروى عن " الحسن
[ ص: 99 ]
170 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن هشيم ، عن يونس قال : قال له رجل : يا الحسن ، كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهن قال : " كنا نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن أبا سعيد محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نأمرها أن تغتسل ، فإذا أراد صاحبها أن يصيبها لم يصبها حتى يستبرئها .
قال : " فهذا الحديث عندنا مفسر لوطء كل أمة مشركة من المجوسيات وعوابد الأوثان وجميع أصناف أهل الملل سوى أهل الكتاب ، وذلك أن أبو عبيد وأهل بلاده إنما كانت مغازيهم في ناحية الحسن خراسان وسجستان وكابل ، وليس أولئك بأهل كتاب ، فالأمر المعمول به عندنا أن الكتابيات من أهل الذمة خاصة حل بالنكاح وملك اليمين جميعا ، وأن من سواهن من ملل أهل الشرك حرام بالنكاح وملك اليمين جميعا لما قصصنا من ناسخ نكاحهن ومنسوخه "
[ ص: 100 ] قال : " وقد روى بعضهم عن أبو عبيد حديثا شاذا أنه تزوج مجوسية ، وهذا لا أصل له فيما نرى ولا يصدق بمثله على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه خلاف التنزيل وما عليه أهل الإسلام ، وإنما المعروف عن حذيفة نكاحه اليهودية ، فلعل المحدث أرادها فأوهم . هذا ما في نكاح الحرام الذي نسخه الحلال ، فأما حذيفة ، فإنما اختلفوا في ذلك لقوله تعالى : الذي اختلف الناس في نسخه فنكاح البغايا من المسلمات الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين فكانت الآية عند بعضهم منسوخة لا يعمل بها أو عند آخرين محكمة معمولا بها "
171 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، يحيى بن سعيد كلاهما ، عن ويزيد بن هارون يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن في هذه الآية : سعيد بن المسيب الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال : " نسختها الآية التي بعدها ، قوله : وأنكحوا الأيامى منكم وقال : كان يقال : هن من أيامى المسلمين
[ ص: 101 ]
172 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج في قوله : مجاهد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال : " كان رجال يريدون الزنا بنساء زوان بغايا معلنات ، كن كذلك في الجاهلية ، فقيل لهم : هذا حرام ، فأرادوا نكاحهن ، فحرم عليهم نكاحهن ، أو قال : فحرم عليهن نكاحهم .
قال : " فمذهب أبو عبيد سعيد في تأويلهما هو الرخصة في تزويج البغي ، إلا أن ومجاهد سعيدا أراد أن التحريم كان عاما ، ثم نسخته الرخصة ، وأراد أن التحريم لم يكن إلا على أولئك خاصة دون الناس ، وقد جاءت أخبار فيها دلائل على هذا التأويل " مجاهد
173 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، عن نافع صفية ، ، أن رجلا ضاف رجلا فافتض أخته ، فرفع إلى وابن عمر رضي الله عنه ، فسأله : فأقر ، فقال : " أبكر أم ثيب ؟ فقال : بكر ، فجلده مائة وغربه إلى أبي بكر فدك ، ثم إن الرجل
[ ص: 102 ] تزوج المرأة بعد ذلك وقتل باليمامة "
174 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، أو ابن عمر صفية ، أن رضي الله عنه " أرسل إليهما أو سألهما فاعترفا " فجلدهما مائة ، مائة ، ثم زوج أحدهما من الآخر مكانه ونفاهما سنة أبا بكر
175 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن سفيان بن عيينة عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، أن غلاما فجر بجارية ، فسئلا ؟ فاعترفا ، " فجلدهما ثم حرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام عمر بن الخطاب
[ ص: 103 ]
176 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد بن هارون ، عن شريك إبراهيم بن مهاجر ، عن ، عن إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث : في الرجل يفجر بالمرأة ثم يريد أن يتزوجها قال : " لا بأس بذلك . عبد الله بن مسعود
177 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن محمد بن كثير ، عن الأوزاعي قال : حدثني يحيى بن أبي كثير مساور الثقفي ، قال : كنت عند " فسئل عن ذلك ، فقال : لا بأس به " وقال : وقال ابن عباس : " أوله حرام وآخره حلال " . جابر بن عبد الله
[ ص: 104 ]
178 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن عكرمة ، أنه كان لا يرى به بأسا ، ويقول : " إنما مثل ذلك رجل أتى حائطا فسرق منه ثم أتى صاحبه ، فاشترى منه ، فما سرق حرام ، وما اشترى حلال " ابن عباس
179 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن ابن أبي نجيح ، وعن مجاهد ، عن قيس بن سعد قالا في الرجل يرى امرأته تزني " يمسكها إن شاء ، فإن ذلك لا يحرمها عليه . عطاء
180 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح قال : " لو رأى معها عشرة لم تحرم عليه " مجاهد
[ ص: 105 ]
181 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن المبارك الحسن بن يحيى ، عن قال : " إذا فجرت لم يفرق بينهما كما أنه لو فجر لم يفرق بينهما " . الضحاك بن مزاحم
182 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن جرير الشيباني ، عن قال : " إذا فجرت لا تنتزع كما لو فجر لم ينتزع " . قال الشعبي : " فهذا مذهب من رأى الآية منسوخة غير معمول بها ، فلهذا تراخصوا في تزوج البغايا وإمساكهن ، وهي عند آخرين من العلماء على غير ذلك ، يرونها محكمة قائمة ويفسدون النكاح بفجورها " أبو عبيد
183 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن أبو النضر ، عن شعبة قال : سمعت سماك بن حرب حنش بن المعتمر ، يحدث : أن قوما اختصموا إلى في رجل تزوج امرأة فزنى ، أو قال : فزنت قبل أن يدخل بها قال : " ففرق بينهما . علي
[ ص: 106 ]
184 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن هشيم ، عن داود بن أبي هند ، عمن حدثه ، وربما قال : سماك بن حرب ، عن رجل من هشيم بني عجل ، عن مثل ذلك علي
185 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن جرير ، عن منصور ، في رجل تزوج امرأة ففجرت قبل أن يدخل بها قال : " يفرق بينهما ولا صداق لها إبراهيم
186 - قال وكذلك يحدث به عن أبو عبيد: ، أنه قال : " لا يتزوج إلا محدودة مثله . الحسن
قال : " وإنما نرى هؤلاء تأولوا هذه الآية : أبو عبيد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ومما يزيد حجتهم قوة حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 107 ] في التفريق بين المتلاعنين ، فيقولون : إذا كانت تحرم عليه بأن يرميها بالفجور أو بالانتفاء من ولدها حتى يجب عليه بذلك اللعان وتصير محرمة عليه ، فالتحريم له في اليقين ألزم وعليه أوكد ، وذهب الآخرون بالرخصة إلى أن اللعان هو المحرم لا القذف والنفي يقولون : ألا ترى أنهما على نكاحهما يتوارثان ما لم يلتعنا "
قال : وبهذا القول نقول : إن عيان الفجور منه لها ليس بطلاق ، ولا يفرق بينهما إلا التلاعن ، غير أنه يؤمر بطلاقها أمرا ويخاف عليه الإثم في إمساكها ؛ لأن الله تبارك وتعالى إنما اشترط على المؤمنين نكاح المحصنات ، فقال عز وجل : والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، ومع هذا أنه لا يأمنها أن توطئ فراشه غيره ، فتلحق به نسبا ليس منه ، فيرث ماله ويطلع على حرمته ، فأي ذنب أعظم من هذا ؟ أن يكون لها معينا عليه بإمساكها ، ولا أحسب الذين ترخصوا في ذلك بعد الفجور إلا لتوبة تظهر منها ، كالذي يحدث به عن أبو عبيد مفسرا وعن ابن عباس " عمر
187 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، أنه بلغه عن يزيد بن أبي حبيب ، أنه سئل عن رجل أراد أن ينكح امرأة قد زنى بها ، فقال : " ليردها على الزنا ، فإن فعلت فلا ينكحها ، وإن أبت فلينكحها ابن عباس
188 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، أن رجلا خطبت إليه ابنة له طارق بن شهاب
[ ص: 108 ] وكانت قد أحدثت ، فأتى فذكر ذلك له ، فقال : ما رأيت منها إلا خيرا ، فقال : " زوجها ولا تخبر . قال عمر : قوله : ما رأيت منها إلا خيرا يعني : بعد الحدث عبد الرحمن
قال : " وقد يسهل قوم في نكاحها ، وإن لم يظهر منها توبة واحتجوا أبو عبيد
189 - بحديث يروى مرفوعا في الذي قال له : إن امرأته لا تمنع يد لامس ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم " بالاستمتاع منها " وتأولوه على البغاء ، وهذا
[ ص: 109 ] عندنا خلاف الكتاب والسنة ؛ لأن الله تبارك وتعالى إنما أذن في نكاح المحصنات خاصة ، ثم أنزل في القاذف لامرأته آية اللعان ، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفريق بينهما ، فلا يجتمعان أبدا ، فكيف يأمره بالإقامة على عاهرة لا تمتنع ممن أرادها وفي حكمه أن يلاعن بينهما ولا يقره معها قاذفا على حاله ؟ هذا لا وجه له عندنا ؛ ومن الحجة في هذا أيضا :
190 - قول النبي صلى الله عليه وسلم : فكيف يكره أن توطأ الأمة الفاجرة ويرخص في الإقامة على الزوجة الحرة وهي فاجرة ؟ ، والذي أحمل عليه وجه الحديث أنه ليس يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يحدثه " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ، " ثم قال في الثالثة والرابعة : " فليبعها ولو بضفير " ، عن هارون بن رئاب عبد الله بن عتبة ، ويحدثه ، عن عبد الكريم الجزري ، كلاهما يرسله ، [ ص: 110 ] فإن كان له أصل فإن معناه : أن الرجل وصف امرأته بالخرق وضعف الرأي ، وتضييع ماله ، فهي لا تمنعه من طالب ، ولا تحفظه من سارق ، هذا عندي مذهب الحديث ، وإن كان المعنى الآخر مقولا مستعملا عند الناس ، يريدون بيد اللامس الكناية عن الفرج ، والذي ذهبنا نحن إليه مستغن عن الكفاية ، إنما هو تضييع اليد نفسها ومع هذا أنه أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأحرى أن يظن بحديثه ، كالذي : أبي الزبير
191 - قال ، علي : إذا جاءكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظنوا به الذي هو أهدى والذي هو أهنأ والذي هو أتقى ، وقد احتج قوم بقول الله عز وجل : وعبد الله أو لامستم النساء فقالوا : ألا ترى أنه قد جعل الجماع لمسا ، فيقال لهم : إن الرجل لم يقل للنبي صلى الله عليه وسلم إنها لا تمنع لامسا ، فلو كان الكلام هكذا ما كانت لكم حجة ، ولكنه إنما قال : يد لامس ، ولم يقل : فرج لامس ، وقد قال الله عز وجل : ولو نـزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم فهل لهذا معنى غير اليد المعروفة ، فهذا هو
[ ص: 111 ] الشاهد أن يد اللامس هي التي تأولنا ، والله أعلم ، وقد وجدنا مع هذا شاهدا في أشعار العرب قال جرير بن الخطفي يعاتب قوما :
ألستم لئاما إذ ترومون جاركم ولولا هم لم تدفعوا كف لامس
فهذا حجة في كلام العرب مع ما ذكرنا ؛ لأن الشاعر إنما أراد : أنكم لا تمنعون ظالما ولا أحدا يريد أموالكم "
قال : " قد ذكرنا ما في هذه الآية من ناسخها ومنسوخها ، وقد روي عن أبو عبيد أنه كان يذهب من تأويلها إلى وجه ثالث ابن عباس
192 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن هشيم ، عن حصين ، عن سعيد بن جبير في قوله : ابن عباس الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة الآية ، قال : " هو الجماع حين يجامعها .
193 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن علي بن عاصم ، عمن سمع حصين ، يحدث عن سعيد بن جبير بذلك ابن عباس
[ ص: 112 ]
194 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج قال : سمعت ابن جريج يقول في هذه الآية : " كان بغايا متعالمات في الجاهلية ، بغي آل فلان وآل فلان ، فكن زواني مشركات ، فقال : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة لهن ، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك لهم ، وحرم ذلك على المؤمنين قال : فأحكم الله عز وجل ذلك من أمر الجاهلية بهذا قال : فقيل عطاء : أبلغك هذا عن لعطاء ؟ قال : نعم . قال ابن عباس : أيذهب أبو عبيد إلى أن قوله : لا ينكح إنما هو الجماع ، ولا يذهب به إلى التزويج ، والكلمة محتملة للمعنيين جميعا في كلام ابن عباس العرب ؟ والله أعلم