[ ص: 241 ] باب : الحكم بين أهل الذمة وما فيه من النسخ في الكتاب والسنة
441 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم ، عن منصور الحكم ، عن في قوله عز وجل : مجاهد وأن احكم بينهم بما أنـزل الله قال : " نسخت ما قبلها : فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
442 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن السدي : عكرمة فاحكم بينهم أو أعرض عنهم قال : " نسختها وأن احكم بينهم بما أنـزل الله .
قال : " وهذا قول أهل أبو عبيد العراق ، ويرون النظر في أحكامهم إذا اختصموا إلى قضاة المسلمين لهذه الآية التي ذكرناها ولرجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي واليهودية ، وأما أهل الحجاز فلا يرون إقامة الحدود عليهم ، يذهبون إلى أنهم قد صولحوا على شركهم وهو أعظم من الحدود التي يأتون ، وتأولوا في رجم النبي صلى الله عليه وسلم اليهوديين أن ذلك كان قبل أن تؤخذ منهم الجزية قالوا : إلا أن على الإما أن يمنعهم من الفساد والتظالم
قال : والذي عندنا في هذا أن الآية التي أمر فيها بالحكم بينهم هي الناسخة والقاطعة للخيار ، وذلك إذا كان أهل الذمة هم المحتكمون إلى حاكمنا بالاختيار منهم لنا بلا استكراه ، ولم نجد الآثار تخبر عن اختصام اليهود أبو عبيد
[ ص: 242 ] إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قبل الجزية ، ولو كان قبلها وصح ذلك ما كان فيه دليل على أن الحكم لا يجوز بينهم بعدها ، بل هو الآن أوكد من أجل أنهم كانوا قبل ذلك أهل موادعة بمنزلة أمم الشرك الذين تكون بيننا وبينهم الهدنة ، وهم مع هذا لا تجري أحكامنا عليهم ، فلما صاروا إلى أداء الجزية ورضينا منهم بأن يكونوا شركاءنا في الدار ومناصفينا في الحقوق ، ورضوا منا بالإقامة معنا عليها وهم يعلمون أن في ديننا إقامة الحدود وإنفاذ أحكام كتابنا وسنتنا فلزمهم من ذلك ما لزمنا ، ولم يسع الإمام أن يردهم إلى أحكامهم ؛ لأن فيه معونة على جورهم وأخذهم الرشاء في الحكم ، فإن الله عز وجل وصفهم بذلك ، فقال عز وجل : أفحكم الجاهلية يبغون وقال عز وجل : سماعون للكذب أكالون للسحت وهي : الرشوة في التفسير