( المسألة السابعة ) تقول الوتد في الحائط والحائط في الأرض ينتج قوله الوتد في الأرض وهو خبر كاذب ، فإن الوتد ليس في الأرض فقد أنتج الصادق الكاذب فيلزم المحال كما تقدم .
والجواب أن هذا الكلام فيه توسع وهو قولك الحائط في الأرض فإنه لم يغب بجملته في الأرض بل أبعاضه فهو مجاز من باب إطلاق الجزء على الكل فلو كان اللفظ حقيقة ، وأن جملة الحائط في الأرض كان الوتد في الأرض خبرا ، وكان الخبر حقا كقولنا المال في الكيس والكيس في الصندوق فالمال في الصندوق وهذا خبر حق ؛ لأنه ليس فيه توسع بخلاف الحائط في الأرض فإن قلت ظرف الزمان والمكان ليس من شرطه الإحاطة كقوله تعالى { له ما في السماوات وما في الأرض } والمراد ما على ظهرهما وكقوله تعالى { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } وهو إنما يعبد فوق ظهرهما فاللفظ حقيقة وكذلك إذا قلنا زيد عندك حقيقة وإن لم يغب في المكان الذي أنت فيه ، وكذلك زيد في الزمان ليس معناه الإحاطة لأن معنى الزمان هو اقتران حادث بحادث والاقتران نسبة وإضافة لم تحط بزيد كإحاطة ثوبه إنما هي في تينك الحادثين لا يتعداهما ، وكذلك إذا فسرنا الزمان بحركات الأفلاك فإن الحركة قائمة في الفلك لم تحط بزيد وغيره من حوادث الأرض بل المحيط هو الفلك وحده فظهر حينئذ أن تسمية الزمان والمكان ظرفين ليس معنى ذلك الغيبة فيهما وإحاطتهما بالمظروف فبطل ما ذكرتموه من التوسع ، وبطل أيضا ما يعتقده كثير من النحاة من الظرفية الحقيقية قلت إذا [ ص: 61 ] ألزمت هذا أقول الوتد في الأرض حقيقة ، ويكون الخبر صادقا ولا محال حينئذ ، والسؤال والإشكال إنما جاء من قبل أن الوتد ليس مغيبا في الأرض ، أما على هذا التقدير فلا يلزم إشكال ولا يضرنا إلزام ما ذكرته فالسؤال ذاهب على كل تقدير وهو المقصود .