( المسألة الثامنة ) قولنا هذا الجبل ذهب لأن كل من قال إنه ذهب قال إنه جسم وكل من قال إنه جسم صادق ينتج أن كل من قال إنه ذهب صادق ، وهذا الخبر كاذب مع صدق المقدمات وبهذا النمط يستدل على أن كل ما في العالم ذهب وياقوت وحيوان وجميع أنواع المحالات تقريرها بهذا الدليل ، وهذه مغلطة عظيمة .
والجواب عنها من وجوه : أحدها أن قول القائل إن هذا الجبل ذهب محال وكذب المحال يلزمه المحال فيكون إنما نشأ من هذا المحال فنحن نلتزم أنه ذهب على هذا التقدير المحال ولا محذور ، وإنما المحذور كونه ذهبا في نفس الأمر ، وثانيها أنا لا نسلم أنه يقول إنه جسم فإن قوله هو ذهب محال والمحال يجوز أن يلزمه المحال وهو كون الذهب ليس بجسم فتبطل المقدمة الأولى فلا تلزم النتيجة ، وثالثها أنا لا نسلم صحة المقدمات ، ونسلم أنه صادق لكنه قد تقدم من قوله أمران : أحدهما قوله إنه ذهب والآخر قوله إنه جسم فهو صادق في قوله إنه جسم لا في قوله إنه ذهب فلا يحصل المقصود للسائل ولا سيما ، وقولنا صادق لفظ مطلق يصدق بفرد وصورة واحدة وقد بيناها فاندفع الإشكال فهذه نبذة من الأخبار مشكلة لا يتحدث فيها إلا الفضلاء النبلاء لتوقف سؤالها وجوابها على دقائق من العلوم ، وقد تذكر في سياق المغلطات فيعسر الجواب عنها ، وقد اتضح منها جملة هاهنا توجب الإعانة على فهم غيرها والله المستعان لا رب غيره . المحال في النتيجة