[ ص: 195 ] ( الفرق الثاني والثلاثون بين قاعدة الإذن العام من قبل صاحب الشرع في التصرفات وبين إذن المالك الآدمي في التصرفات في أن الأول لا يسقط الضمان والثاني يسقطه )
وسر الفرق هو أن الله تعالى تفضل على عباده فجعل ما هو حق لهم بتسويغه وتملكه وتفضله لا ينقل الملك فيه إلا برضاهم ولا يصح الإبراء منه إلا بإسقاطهم ولذلك لا يسقط الضمان في إتلافه إلا بإذنهم في إتلافه أو بالإذن في مباشرته على سبيل الأمانة كما أن ما هو حق لله تعالى صرف لا يتمكن العباد من إسقاطه والإبراء منه بل ذلك يرجع إلى صاحب الشرع فكل واحد من الحقين موكل لمن هو منسوب له ثبوتا وإسقاطا ويتضح الفرق بثلاث مسائل ( المسألة الأولى )
لا ضمان عليه لأنه مأذون له في ذلك الفعل الذي به انكسرت ولو سقط عليها شيء من يده فانكسرت ضمن لأن صاحب الوديعة لم يأذن له في حمل ذلك في يده فالفعل الذي به انكسرت غير مأذون فيه فيضمن فإن قيل إن كان صاحب الوديعة لم يأذن له غير أن الله تعالى أذن له أن يتصرف في بيته فقد وجد الإذن ممن هو أعظم من صاحب الوديعة قيل الإذن العام الشرعي [ ص: 196 ] لا يسقط الضمان وإنما يسقط الإذن الخاص من قبل صاحب الوديعة كما تقدم تقريره ( المسألة الثانية ) الوديعة إذا شالها المودع وحولها لمصلحة حفظها فسقطت من يده فانكسرت
إذا لما جرت به العادة في الانتفاع بتلك العارية فلا ضمان عليه لأن الذي أعاره أذن له فيما حصل به الهلاك ولو سقط من يده عليها شيء فأهلكها ضمن لعدم وجود إذن صاحب العارية في هذا التصرف الخاص وإنما وجد الإذن العام وهو لا يسقط الضمان كما تقدم تقريره ( المسألة الثالثة ) استعار شيئا فسقط من يده فانكسر وهلك في العمل المستعار له من غير عدوان ولا مجاوزة
إذا جاز وهل يضمن له القيمة أو لا قولان أحدهما لا يضمن لأن الدفع كان واجبا على المالك والواجب لا يؤخذ له عوض والقول الثاني وهو الأظهر والأشهر لأن إذن المالك لم يوجد وإنما وجد إذن صاحب الشرع وهو لا يوجب سقوط الضمان وإنما ينفي الإثم والمؤاخذة بالعقاب ولأن القاعدة أن الملك إذا دار زواله بين المرتبة الدنيا والمرتبة العليا حمل على الدنيا استصحابا للملك بحسب الإمكان وانتقال الملك بعوض هو أدنى رتب الانتقال وهو أقرب لموافقة الأصل من الانتقال بغير عوض . اضطر إلى طعام غيره فأكله في المخمصة