مثل قلب يتردد فيه الذكر
مثل قلب يتردد فيه الذكر مثل عين لها نبعان وفيها سمك صغار فكلما توحل كثر تردد .السمك فكانت ينابيع 55 ماء تلك العين أنقى وماؤها أسلس وإذا قل السمك انسدت المنابع لما يجتمع هناك من الطين لأن ماء العين وإن كان صافيا فلن يخلو عن غبار عند هبوب الرياح ولن يخلو من ممازجة الأرض فإذا انسدت تلك المنابع لم ينز الماء ولم يسل فكذلك القلب تنسد منابع الحكمة منه لما يجتمع هناك من كدورة النفس وسلطان الهوى وغباره فإنه لكل سلطان جيش وعسكر فإذا سار الجيش هاج الغبار فالهواء إذا أقبل قبل النفس أثار الشهوات فوقع في النفس هبوب رياح الشهوات فصار هناك غبار ودخان وغيم على قدر كل شهوة فرب شهوة لها غيم ورب شهوة لها غبار [ ص: 87 ] ورب شهوة لها دخان فإذا جاءت هذه الرياح بغبارها وغيومها ودخانها انسدت ينابيع حكمة القلب لأن الحكمة منبعها من الصدق الذي هو صدق الصدق فالذي يظهر من العباد من باطن إلى ظاهر هو الصدق وصدق الصدق هو من باطن إلى باطن إنما يظهر من باطن القلب إلى ظاهر الصدر حتى تبصره بصائر النفس فمن ذلك الصدق تبدو الحكمة العليا