مثل من يقوم بأمر الله مخلصا أو غير مخلص
ومثل من يقوم بأمر الله وحقوقه في الظاهر على هواه وباطنه منعزل ومن يقوم بأمر الله لأمر الله كمثل عبدين دعاهما المولى فوجههما إلى كرم له ليسقياه ويصلحاه ويقوما بمصلحة هذا الكرم فذهبا لذلك الأمر مسرعين كالسهم وفعلا ذلك فمن رآهما نظر إليهما بعين الطاعة وصحة العبودة فأراد المولى امتحانهما ليبلو باطنهما فحضر الكرم فوجدهما في ظلال بين الثمار والأعناب والوقت وقت الظهيرة فبعثهما إلى الحصاد والدياس فمر أحدهما من ساعته مسرعا ممتثلا أمره والآخر أخذ في التلكؤ والتغافل فعلم من رأيهما بعد الامتحان أن ذلك الأول ممن أطاع مولاه على الصفاء والإخلاص والآخر على هوى نفسه فلما استقبله خلاف هواه ترك طاعته وتأنى بالكسل والتثاقل فهذا تابع هواه
[ ص: 174 ] فكذلك العبيد عند الله تعالى من عبد الله تعالى للهوى وللنفس فيه نصيب يمر فيه وإذا أتاه أمر يثقل عليه هرب منه وضيع الحق فإذا أتاه محبوب سارع إليه فلا يكون هذا من المحقين أبدا