[ ص: 163 ] مثل قوي القلب في الأعمال والأقوال وملكها
ومثل قوي القلب في الأعمال والأقوال وملكها كمثل هؤلاء الملوك فملك له سلطان على قرية وعلى قدر ذلك كنوزه وجنوده وعدته ونفاذ أمره وجواز قوله وهيبته
وملك له سلطان على خراسان أجمع على قدر كنوزه وجنوده وهيبته وخوف شاكريته ورعيته منه
وملك ملك المشرق والمغرب فملوك الأرض كلهم تحت يده وعلى قدر مملكته سلطانه وكنوزه وجنوده وهيبته وخوف شاكريته والناس منه فنلحظه تضرب بأمره الأعناق وتسفك دماء
فالقلب ملك على الجوارح له كنوز وجنود وسلطان ومهابة ونفاذ أمر فأعظمهم مملكة أهيبهم وأحرزهم قولا ونفاذا وإنما تملك القلوب نفوسها وهي دنياها العريضة فإذا ملك القلب بعض النفس ولم يملكها كلها كان صاحبها مع تخليط تزل قدم وتثبت أخرى وإذا ملكها كلها كان بمنزلة من ملك الدنيا شرقها وغربها وخضعت له الملوك وصاروا من تحت يده فالقلب إذا كثرت كنوزه كثرت جنوده فكنوزه العلم بالله والمعرفة لله وجنوده الخوف من الله والخشية لله [ ص: 164 ] والحياء من الله والتعظيم لله والتسليم لأمر الله والانقياد لحكم الله والثقة بالله وحسن الظن بالله والتوكل على الله والطمأنينة إلى الله وحب الله قد استولى على جميع هذه الأشياء فهذه كلها جنود القلب اجتمعت على عسكره في صدره من العلم به فالمعرفة كنز القلب والنفس سفينة الكنز في بحر الله الأعظم فإذا أثنى العبد على ربه أو مدحه أو دعاه باسم من أسمائه فإنما يخرج كلمته من فيه على قدر سلطانه من القلب ومملكة القلب
وكذلك أعمال أركانه فإنما يصعد ما يخرج منه إلى الله على قدر قوته في مملكته وسلطانه