( الفرق الثاني والثمانون والمائة بين قاعدة ما يتقدم مسببه عليه من الأسباب الشرعية وبين قاعدة ما لا يتقدم عليه مسببه )
اعلم أن أربعة أقسام ، ما يتقدم وما يتأخر وما يقارن وما يختلف فيه فأما ما يقارن فكالأسباب الفعلية في حيازة المباح كالحشيش والصيد والسلب في الجهاد حيث سوغناه بإذن أزمنة ثبوت الأحكام الإمام على رأينا أو مطلقا على رأي الشافعية وشرب الخمر والزنى والسرقة للحدود ومن ذلك التعاليق اللغوية فإنها كلها أسباب فإذا علق على شرط الطلاق أو غيره ، وأما ما يتقدم أحكامه عليه فكإتلاف المبيع قبل القبض فإنك تقدر الانفساخ في المبيع قبل تلفه ليكون المحل [ ص: 223 ] قابلا للانفساخ ؛ لأن المعدوم الصرف لا يقبل انقلابه لملك البائع على الخلاف الذي تقدم في الفرق الذي قبل هذا الفرق وكمثل الخطأ فإن له حكمين
( أحدهما ) يتقدم عليه وهو وجوب الدية فإنها إنما تجب بالزهوق ؛ لأنه سبب استحقاقها من جهة أنها موروثة والإرث إنما يكون فيما تقدم فيه ملك الميت فيجب أن يقدر ملكه لها حالة حياته في حالة تقبل الملك ؛ لأن الميت لا يقبله ،
وثانيهما يقترن به وهو وجوب الكفارة فإنه لا ضرورة لتقديمها على القتل كما تقدم في الدية [ ص: 224 ]
وأما ما تتأخر عنه أحكامه فكبيع الخيار يتأخر فيه نقل الملك عن العقد إلى الإمضاء على الصحيح وكالطلاق الرجعي مع البينونة بخلاف تحريم الوطء وتنصيص العدد فإنها تقارن وكالوصية يتأخر نقلها للملك في الموصى به بعد الموت ، وكذلك السلم والبيع إلى أجل يتأخر عنه توجه المطالبة إلى انقضاء الأجل ، وأما ما اختلف فيه فكالأسباب القولية نحو العتق والبيع والإبراء والطلاق والأمر والنهي والشهادات فهل تقع مسبباتها مع آخر حرف منها وهو مذهب فإنه كان من الفقهاء الأجلة كما كان شيخ المتكلمين هذا مذهبه في الفقه في هذه المسألة أو تقع مسبباتها عقيب آخر حرف وهو مذهب جماعة من الفقهاء خلاف [ ص: 225 ] الشيخ أبي الحسن الأشعري