فإن أكثر الناس يعتقدون أن الكل معنى واحد وأن اللفظ مقول عليها بالتواطؤ وأن المعنى واحد وليس كذلك بل للشروط اللغوية قاعدة مباينة لقاعدة الشروط الأخر ولا يظهر الفرق بين القاعدتين إلا بيان حقيقة الشرط والسبب والمانع أما السبب فهو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه [ ص: 62 ] العدم لذاته أما القيد الأول فاحتراز من الشرط فإنه لا يلزم من وجوده شيء إنما يؤثر عدمه في العدم والقيد الثاني احتراز من المانع فإن المانع لا يلزم من عدمه شيء إنما يؤثر وجوده في العدم والقيد الثالث احتراز من مقارنة وجود السبب عدم الشرط أو وجود المانع فلا يلزم الوجود أو إخلافه بسبب آخر حالة عدمه فلا يلزم العدم وأما الشرط فهو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته ولا يشتمل على شيء من المناسبة في ذاته بل في غيره فالقيد الأول احتراز من المانع فإنه لا يلزم من عدمه شيء والقيد الثاني احتراز من السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود والقيد الثالث احتراز من مقارنة وجوده لوجود السبب فيلزم الوجود ولكن ليس ذلك لذاته بل لأجل السبب أو قيام المانع فيلزم العدم لأجل المانع لا لذات الشرط والقيد الرابع احتراز من جزء العلة فإنه يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم غير أنه مشتمل على جزء المناسبة فإن جزء المناسب مناسبة . ( الفرق الثالث بين الشرط اللغوي وغيره ) من الشروط العقلية والشرعية والعادية
وأما المانع فهو الذي يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته فالقيد الأول احتراز من السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود والقيد الثاني احتراز من الشرط والقيد الثالث احتراز من مقارنة عدمه لعدم الشرط فيلزم العدم أو وجود السبب فيلزم الوجود لكن بالنظر لذاته لا يلزم شيء من ذلك إذا تقرر ذلك يظهر أن المعتبر من المانع وجوده ومن الشرط عدمه ومن السبب وجوده وعدمه والثلاثة تصلح الزكاة مثالا لها فالسبب النصاب والحول شرط والدين مانع إذا ظهرت حقيقة كل واحد من السبب والشرط والمانع يظهر أن الشروط اللغوية أسباب بخلاف غيرها من الشروط العقلية كالحياة مع العلم أو الشرعية كالطهارة مع الصلاة أو العادية كالسلم مع صعود السطح فإن هذه الشروط يلزم من عدمها العدم في المشروط ولا يلزم من وجودها وجود ولا عدم فقد يوجد المشروط عند وجودها كوجوب الذي هو شرط وقد يعدم لمقارنة الدين لدوران الحول مع وجود النصاب . الزكاة عند دوران الحول
وأما الشروط اللغوية التي هي التعاليق كقولنا يلزم من الدخول الطلاق ومن عدم الدخول عدم الطلاق إلا أن يخلفه سبب آخر كالإنشاء بعد التعليق وهذا هو شأن [ ص: 63 ] السبب أن يلزم من عدمه العدم إلا أن يخلفه سبب آخر فإذا ظهر أن الشروط اللغوية أسباب دون غيرها فإطلاق اللفظ على القاعدتين أمكن أن يقال بطريق الاشتراك لأنه مستعمل فيهما والأصل في الاستعمال الحقيقة وأمكن أن يقال بطريق المجاز في أحدهما لأن المجاز أرجح من الاشتراك وأمكن أن يقال بطريق التواطؤ باعتبار قدر مشترك بينها وهو توقف الوجود على الوجود مع قطع النظر عما عدا ذلك فإن المشروط العقلي وغيره يتوقف دخوله في الوجود على وجود شرطه ووجود شرطه لا يقتضيه والمشروط اللغوي يتوقف وجوده على وجود شرطه ووجود شرطه يقتضيه ثم إن الشرط اللغوي يمكن التعويض عنه والإخلاف والبدل كما إذا إن دخلت الدار فأنت طالق فيقع الثلاث بالإنشاء بدلا عن الثلاث المعلقة وكقوله : إن أتيتني بعبدي الآبق فلك هذا الدينار ولك أن تعطيه إياه قبل أن يأتي بالعبد هبة فتخلف الهبة استحقاقه إياه بالإتيان بالعبد ويمكن إبطال شرطيته كما إذ أنجز الطلاق فإن التنجيز إبطال للتعليق وكما إذا اتفقنا على فسخ الجعالة والشروط العقلية لا يقتضي وجودها وجودا ولا تقبل البدل والإخلاف ولا تقبل إبطال الشرطية إلا الشرعية خاصة فإن الشرع قد يبطل شرطية الطهارة والستارة عند معارضة التعذر أو غيره فهذه ثلاثة فروق اقتضاء الوجود والبدل والإبطال إذا تخلص الفرق بين القاعدتين وتميزت كل واحدة منهما عن الأخرى فنوشح ذلك بذكر مسائل من الشروط اللغوية فيها مباحث دقيقة وأمور غامضة وإشارات شريفة تكون الإحاطة بها حلية للفضلاء وجمالا للعلماء ولنقتصر من ذلك على ثمان مسائل . . قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم يقول لها : أنت طالق ثلاثا
[ ص: 64 ]