( المسألة الرابعة ) إذا قلنا الإنسان وحده ناطق وكل ناطق حيوان فإنه ينتج الإنسان وحده حيوان ، وهذا، وذلك إن جوزناه يبطل علينا باب الاستدلال . خبر كاذب مع أن متقدماته صحيحة فكيف ينتج الصادق الخبر الكاذب
والجواب أن الفساد إنما جاء من جهة أن المقدمة الأولى هي مقدمتان التفت إحداهما بالأخرى إحداهما سالبة والأخرى موجبة فإن قولنا الإنسان وحده ناطق معناه أنه ناطق [ ص: 59 ] وغيره غير ناطق هذا هو مدلول وحده لغة فإن جعلنا مقدمة الدليل هي الموجبة وحدها صح الكلام فإنه يصير الإنسان ناطقا ، وكل ناطق حيوان فينتج كل إنسان حيوان ولا محال في هذا .
وإن جعلنا مقدمة القياس هي السالبة لم يصح الإنتاج لفوات شرطه وهو أن الشكل الأول من شرطه أن تكون صغراه موجبة وهذه سالبة فلا يصح ألا ترى أنك إذا قلت لا شيء من الإنسان بحجر ، وكل حجر جسم كانت النتيجة لا شيء من الإنسان بجسم وهو باطل فلا بد أن تكون مقدمة القياس في هذا الشكل موجبة إذا كانت صغرى وهذا الكلام قد جعلت فيه سالبة فلذلك حصل فيه أمر محال ، وإن جعلنا مجموع المقدمتين مقدمة واحدة امتنع أيضا فإنه لا قياس عن ثلاث مقدمات ، ويلزم الفساد من كون إحداهما سالبة كما تقدم .