( الفرق التاسع والسبعون الفرق بين قاعدة النقل وقاعدة الإسقاط ) اعلم أن الحقوق والأملاك ينقسم التصرف فيها إلى نقل وإسقاط فالنقل ينقسم إلى ما هو بعوض في الأعيان كالبيع والقرض وإلى ما هو في المنافع كالإجارة والمساقاة والمزارعة والقراض والجعالة وإلى ما هو بغير عوض كالهدايا والوصايا والعمرى والوقف والهبات والصدقات والكفارات والزكاة والمسروق من أموال الكفار والغنيمة في الجهاد فإن ذلك كله نقل ملك في أعيان بغير عوض .
وأما الإسقاط فهو إما بعوض كالخلع والعفو على مال والكتابة وبيع العبد من نفسه والصلح على الدين والتعزير فجميع هذه الصور يسقط فيها الثابت ولا ينتقل إلى الباذل ما كان يملكه المبذول له من العصمة وبيع العبد ونحوهما وإما بغير عوض كالإبراء من الديون والقصاص والتعزير وحد القذف والطلاق والعتاق وإيقاف المساجد وغيرها فجميع هذه الصور يسقط فيها الثابت ولا ينتقل لغير الأول ويخرج على هذا الفرق ثلاث مسائل ( المسألة الأولى ) خلاف بين العلماء فظاهر المذهب اشتراط القبول ومنشأ الخلاف هل الإبراء إسقاط والإسقاط لا يحتاج إلى القبول كالطلاق والعتاق فإنهما لا يفتقران إلى قبول المرأة والعبد ولذلك ينفذ الطلاق والعتق وإن كرهت المرأة والعبد أو هو تمليك لما في ذمة المدين فيفتقر إلى القبول كما لو ملكه عينا بالهبة أو غيرها لا بد من رضاه وقبوله وكذلك ها هنا يتأكد ذلك بأن المنة قد تعظم في الإبراء وذوو المروآت والأنفات يضر ذلك بهم لا سيما من السفلة فجعل صاحب الشرع لهم قبول ذلك أو رده نفيا للضرر الحاصل من المنن من غير أهلها أو من غير حاجة الإبراء من الدين هل يفتقر [ ص: 111 ] إلى القبول فلا يبرأ من الديون حتى يقبل أو يبرأ من الديون إذا أبرأه وإن لم يقبل