( المسألة الخامسة ) { لغيلان لما أسلم على عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن } قال قوله عليه السلام إن أبو حنيفة لم يجز له أن يختار من المؤخرات لفساد عقودهن بعد أربع عقود فإن الخامسة وما فوقها باطل والخيار في الباطل لا يجوز وإن كان عقد عليهن عقدا واحدا جاز أن يختار لعدم التفاوت بينهن . عقد عليهن عقودا مرتبة عقدا بعد عقد
وقال الشافعي رضي الله عنهما الحكم في ذلك سواء وله الخيار في الحالين لأنه عليه السلام أطلق القول في هذه القضية ولم يستفصل فكان ذلك كالتصريح بالعموم في جميع هذه الأحوال فيجوز التخيير مطلقا ولو أراد عليه السلام أحد القسمين دون الآخر لاستفصل ومالك غيلان عن ذلك وحيث لم يستفصل دل ذلك على التسوية في الحكم فإن قيل لعله على أن الواقع اتحاد العقد فلذلك أطلق القول قلت الجواب عن هذا من وجهين الأول أن الأصل عدم العلم بحالة غيلان الثاني أن هذه القضية من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقرير قاعدة كلية لجميع الخلق ومثل هذا شأنه البيان والإيضاح فلو كان في نفسه عليه السلام علم ينبني عليه الحكم لبينه للناس وحيث لم يبينه وأطلق القول دل ذلك على أن الحالين سواء فهذا الحديث ليس في لفظه إجمال والاحتمالات مستوية بل اللفظ ظاهر ظهورا قويا في الإذن والتخيير وإنما الاحتمالات المستوية في محل الحكم [ ص: 92 ] وهذه النسوة وعقودهن يحتمل أن يكون عقدا واحدا أو عقودا والاحتمالات في محل الحكم لا تقدح وإنما يقدح في الدلالة الاستواء في الاحتمالات في الدليل الدال على الحكم أما إذا كان الدليل ظاهرا ومحل الحكم فيه احتمالات لا يقدح ذلك